أوضح موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، أن “دستور 89 جاء حتمية فرضت على الجزائر من الخارج، وبالتالي كان الدستور ارتجاليا وتم نقله عن الدستور الفرنسي ومحتواه الأساسي، فكانت فيه بعض الهفوات التي عدلت في طريقة توزيع السلطات، والتي لم تكن واضحة لحد اليوم” وقال تواتي، في دردشة مع “الفجر”، حول مدى تطبيق دستور 89، “نرى أن سلطة الشعب ليست مطلقة بل هي سلطة مركزية في هيئة واحدة، هي رئاسة الجمهورية، تقوم بتعيين الحكومة ولا يمكن للبرلمان أو الهيئات المنتخبة، سواء كانت وطنية أومحلية، أن تصل إلى تجسيد طموحات المواطن الجزائري، أو حتى على المعارضة التي تصل إلى تجسيد رغبات سلطة وسيادة الشعب”. وعما إذا كانت تطبيقات أول دستور تعددي قد تمكن من تحقيق تعددية سياسية وإعلامية حقيقية، أشار رئيس “الأفانا” إلى أن “الدستور انطلق بفكرة تعددية سياسية وإعلامية وحتى نقابية، لكن لحد الآن ما يزال يفتقد إلى ميكانيزمات واضحة، وهذا بسبب غياب ميثاق وطني قبل صياغته، والذي من شأنه تحقيق الأهداف الاقتصادية والسياسية التي كان يتعين أن تكون مادة خاما يصاغ منها الدستور وأن يكون مرجعيته”. وبالتالي، فالإشكال يكمن، بالنسبة لهذا المسؤول السياسي، في “ضرورة تعديل الدستور عن طريق الفصل في الصلاحيات وتجنيب تداخلها وليس القيام بتعديل مثل الذي تم إجراؤه مؤخرا”، والذي اعتبره تواتي “خرقا للدستور من خلال اللجوء إلى فتح العهدات”. ويؤكد تواتي أن “الدستور يجب أن يكون مبنيا على صياغة مؤسسة على ميثاق وطني يصادق عليه الشعب، يبين التوجه الأساسي للبلاد إذا كان النظام المتبع اشتراكيا أواجتماعيا أوليبراليا أو رأسماليا، ونوع السلطة الممارسة إذا كانت برلمانية أو رئاسية أو متعددة. وبالتالي، لا بد على الدستور أن يحددها ويحدد أهداف الدولة”. وأثناء تطرقه لمدى تحقيق الدستور للتعددية في الجزائر، أوضح موسى تواتي أن “ما يدور اليوم في فلك السياسة هو أننا نرى أن الممارسة السياسية أصبحت حكرا على أصحاب المال وليس الفقراء الذين لم يصبح لديهم مجال للتعبير، وأكبر صورة يمكن تقديمها في هذا المجال هو ما حدث في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة عندما لجأ العديد من المترشحين إلى شراء أصوات المنتخبين وأبدوا استعدادهم لدفع مقابل مادي للدخول إلى الغرفة الأولى”. وتابع تواتي قائلا: “المواطن الجزائري معروف بعزوفه عن مختلف المواعيد الانتخابية، وهذا بمثابة ترجمة لإبعاده من الساحة السياسية للبقاء في الحكم، والتعددية السياسية لا يمكن رؤيتها بإبعاد المواطن، وإنما يتعين إدماجه في هذه الحياة السياسية التي لا تمثل شيئا بدونه”. أما بخصوص دور المعارضة، فيقول تواتي إن “المعارضة السياسية لم تقم بدورها، لكن بالمقابل، لم تبع ضميرها للسلطة، غير أنها ترتكب في بعض الأحيان أخطاء جسيمة، وهذا ما يجعلنا نتخوف من أن تقوم بالهدم عوض البناء”.