يتحرك الفراعنة في كل الاتجاهات حتى يوصلوا عقوبات الفيفا إلى أدنى المستويات. وبالموازاة مع ذلك، واصل المصريون التحامل على الجزائر بنسج خيوط مسرحية جديدة افتعلتها الاتحادية المصرية للرماية والتي أقدمت على التوجه بمراسلة رسمية إلى الاتحاد الإفريقي لهذه اللعبة تطلب فيها ضرورة توفير الحماية الأمنية للمنتخب المصري للناشئين والذي سيشارك في فعاليات البطولة الإفريقية المزمع إقامتها بالجزائر خلال الفترة الممتدة ما بين 21 و27 مارس الجاري. سيناريو مفضوح الخبطة العشوائية الجديدة للفراعنة ما هي إلا سيناريو يبقى الهدف منه محاولة تلطيخ صورة الجزائر، وكأن المصريين أصبحوا يخشون على رياضييهم عند سفرهم إلى الجزائر للمشاركة في مختلف المنافسات القارية، في وقت تبقى فيه رياضة الرماية لا تكتسي أي اهتمام جماهيري. ردا على اتحاديتنا لكرة اليد الطلب الذي تقدم به الاتحاد المصري له ما يبرره، لأنه كان بمثابة رد على الإجراءات التي اتخذتها الاتحادية الجزائرية لكرة اليد عند تنقل المنتخبين الوطنيين للرجال والسيدات إلى القاهرة في شهر فيفري المنقضي للمشاركة في النسخة التاسعة عشرة من نهائيات كأس إفريقيا للأمم، حيث إن الجزائريين ألزموا الطرف المصري واللجنة المنظمة على ضرورة التوقيع على بروتوكول أمن للالتزام بتوفير الحماية اللازمة للبعثة الجزائرية طيلة فترة إقامتها بالأراضي المصرية. ومع ذلك، فإن المنتخب الوطني للرجال تعرض لوابل من الرشق بالحجارة والشتائم والإهانات على هامش مباراة نصف النهائي ضد منتخب البلد المنظم، فاستغل المصريون إسناد شرف تنظيم البطولة الإفريقية للرماية إلى الجزائر في محاولة للرد بالمثل. محمود وهدان يشعل النيران الطلب الغريب للفراعنة يقف وراءه نائب رئيس الاتحاد الدولي للرماية، المصري محمود وهدان، الذي يشغل في نفس الوقت منصب رئيس الاتحاد المصري لهذه الرياضة، والذي بسط نفوذه في محاولة للضغط على الاتحاد الإفريقي لإلزامه بإرغام الجزائر على تقديم تعهد كتابي بضمان الحماية والأمن للرياضيين المصريين الذين سيشاركون في هذه التظاهرة القارية، رغم أن إجمالي التركيبة البشرية للوفد المصري لن تتجاوز الثلاثين شخصا ما بين رياضي ومؤطر. والحماية الأمنية التي يطالب بها المصريون لرياضييهم من منتخب الرماية ليست سوى مجرد سيناريو، لأن هذه المنافسة القارية لن يتابعها سوى أعضاء لجنة التنظيم! في الجزائر نكرم الضيوف ولا نسيل دماءهم ذهب وهدان إلى حد الجزم بأن الاتحاد الجزائري أعطى ضمانات لنظيره المصري لتوفير الحماية اللازمة لجميع المنتخبات المشاركة في هذه التظاهرة بما فيها المنتخب المصري، الذي من المنتظر أن يصل إلى الجزائر في العشرين من شهر مارس الجاري بفريق المسدس وفريق رماة البندقية... حديث الأشقاء المصريين عن ضرورة توفير الحماية الأمنية اللازمة بالجزائر ليس سوى مجرد مناورة لذر الرماد في العيون وتغطية الشمس بالغربال، لأن التاريخ يثبت بأن المصريين لم يتعرضوا لأي اعتداء كلما وطأت أقدامهم التراب الجزائري. افتراءات فرعونية لا يزال الفراعنة يصفون الجزائر بأقبح النعوت رغم أنهم دوما يجدون كل الترحاب ويعودون إلى بلدهم وهم محمّلين بالهدايا. لكن إكرام اللئيم دوما نتيجته تكون التمرد، فحتى حادثة جوان 2001 بعنابة كانت من افتعال ميدو ورفاقه والذين لم يهضموا نزاهة المنتخب الجزائري ورفضه التنازل لهم عن نقاط الفوز، فراحوا يبررون فشلهم في المرور إلى مونديال كوريا واليابان بكسر الواجهات الزجاجية للحافلة التي كانوا على متنها عند خروجهم من الملعب، في الوقت الذي يتذكر فيه الجميع المشاركة المصرية في الطبعة السابعة عشرة من نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم التي كانت قد أقيمت بالجزائر، حيث إن الأشقاء المصريين كانوا قد رفضوا إيفاد منتخب الأكابر للمشاركة في تلك الدورة واكتفوا بمشاركة رمزية بالمنتخب الأولمبي على خلفية الاعتداءات الخطيرة التي استهدفت العناصر الجزائرية بستاد ناصر بالقاهرة في 17 نوفمبر 1989، لكن المنتخب المصري الأولمبي كان قد حظي باستقبال حار، حتى في المباراة التي كان قد لعبها ضد المنتخب الجزائري، فكانت الوقائع بمثابة تأكيد صريح بأن إكرام الضيف من شيم الجزائريين مهما كانت جنسية وانتماء الضيف، خاصة إذا تعلق الأمر بضيوف عرب من مصر أو غيرها من البلدان العربية، فالجزائريون دوما يفتحون ذراعيهم لاستقبال ضيوفهم، واستقبالهم بالورود يكون كالتوديع بها، على العكس من السيناريو المفبرك الذي راح ضحيته الوفد الرياضي الجزائري للكرة الصغيرة الذي تنقل مؤخرا إلى القاهرة والذي كان قد استقبل بالورود لكن توديعه كان بالإهانات والحجارة.