بعد تبرئته من فضائح مالية وتهمة التآمر على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أعلن رئيس الوزراء السابق دومينيك دوفيلبان انشقاقه عن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية استطلاعات الرأي تشير إلى ارتفاع شعبيته وتفوقها على شعبية الرئيس الحالي واستعداده لإطلاق تنظيم سياسي "مستقل" يمكنه من الترشح للرئاسيات، خاصة بعد ارتفاع نسبة تاييده من الفرنسيين بالمقارنة مع ساركوزي، ويعود ذلك لمواقفه المرنة تجاه المهاجرين وانتقاده لحظر النقاب، كما أنه معروف برفضه للتبعية الأمريكية ودعواته لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الجزائر. ورغم أن دوفيلبان نفسه لم يحدد ما إذا كان سيترشح للانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها عام 2012، فإن مقربين منه أكدوا أن الحزب الجديد سيكون الوسيلة لترشح السياسي الفرنسي البارز لتلك الانتخابات. ولفت هؤلاء إلى أن آخر استفتاءات للرأي أجريت في البلاد أشارت إلى أن شعبية رئيس الوزراء الأسبق غدت أكبر من شعبية الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي. وقال دوفيلبان أثناء مؤتمر صحفي عقده بباريس إن مبادرته تهدف إلى تقديم "بديل ثالث" مختلف عن الأغلبية اليمينية الحاكمة والمعارضة اليسارية التي يتصدرها الحزب الاشتراكي، معتبرا أن عزوف نصف الفرنسيين عن المشاركة في الدورة الثانية من الانتخابات الإقليمية التي جرت في البلاد يوم الأحد الماضي، يعد "دليلا على فقد الثقة في هذين القطبين السياسيين". ونسب السياسي الفرنسي هزيمة اليمين في ذلك الاقتراع إلى ما أسماه فشل السياسات الداخلية والخارجية التي انتهجها ساركوزي منذ وصوله إلى سدة الرئاسة في 2007. وشجب دوفيلبان، الذي تولى رئاسة الوزراء ما بين 2005 و2007، تخفيف الضرائب عن ذوي الدخول المرتفعة وغياب "العدالة الاجتماعية" في فرنسا، منتقدا بشدة "التشهير بالمهاجرين"، ومشككا في حصافة رأي الداعين لإصدار قانون يحظر ارتداء النقاب في البلاد. وأضاف أن النقاش بشأن الهوية الوطنية الذي أطلقته حكومة ساركوزي في نوفمبر الماضي "لا يخدم الوئام الوطني"، مشيرا إلى أن بعض المشاركين فيه حاولوا تصنيف الفرنسيين حسب أصولهم الجغرافية ومعتقداتهم الدينية. وكان دوفيلبان، الذي اشتهر بمعارضته للغزو الأمريكي للعراق عام 2003، قد انتقد بشدة في وقت سابق قرار ساركوزي إعادة فرنسا للقيادة المشتركة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في مارس 2009. وقال النائب عن الحزب الحاكم جان بيار غران الذي حضر المؤتمر الصحفي إن "مواقف دوفيلبان هذه هي التي جعلت منه رجل دولة يحرص على استقلال السياسة الخارجية والدفاعية لفرنسا عن الولاياتالمتحدة"، معتبرا أن رئيس الوزراء السابق يمثل داخل اليمين الفرنسي "التيار الديغولي الرافض للتبعية لواشنطن خارجيا والمدافع عن مصالح الطبقات الاجتماعية الضعيفة داخليا". وعن موقفه من الجزائر فقد كان دوفيلبان دعا في وقت سابق إلى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الجزائر بعيدا عما تدعو إليه اليوم فرنسا الساركوزية من تمجيد للاستعمار بدلا من تجريمه. وأضاف البرلماني الفرنسي في تصريح إعلامي أن هذا التيار أصيب ب"اليتم السياسي" منذ رحيل الرئيس السابق جاك شيراك عن الحكم في 2007، مشيرا إلى أن خلفه ساركوزي ينتهج سياسة خارجية أطلسية، كما أنه معروف بتوجهاته الليبرالية. يشار إلى أن دوفيلبان عاد إلى المسرح السياسي بالتزامن مع تبرئة إحدى المحاكم الابتدائية المحلية له في جانفي الماضي، من تهمة التآمر ضد ساركوزي والزج باسمه في فضيحة مالية لمنعه من الترشح لرئاسيات 2007. ورغم أن الادعاء العام الفرنسي استأنف الحكم، فإن مؤشرات ارتفاع شعبية رئيس الوزراء السابق لم تزل في تصاعد. وحسب مصادر إعلامية اعتبر البرلماني الفرنسي جاك لوغين أن هذه الشعبية المتصاعدة هي التي شجعت دوفيلبان على تأسيس حزب سياسي جديد تمهيدا لترشحه لرئاسيات 2012. وأشار إلى أن آخر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "لوباريزيان" المحلية يوم الأحد الماضي، أفاد بأن 16% من الفرنسيين يودون أن يكون دوفيلبان مرشح اليمين المعتدل في ذلك الاستحقاق الانتخابي مقابل 14% يساندون ترشح ساركوزي الذي عبر 58% من المستجوبين عن معارضتهم لمشاركته في الانتخابات الرئاسية المقبلة.