إعادة النظر في المقاربة الأمنية إثر الهزيمة السياسية الأخيرة التي منيت بها الأغلبية اليمينية، باعتبارها مرجعية أساسية في الخطاب الساركوزي، هي الأولوية الملحة التي كشفت عنها صحيفة "فرانس سوار"، أول أمس، في عدد جديد منذ خروجها بحلة صحفية وإخراجية غير مسبوقة لمنافسة صحيفة "الباريزيان" الشعبية الواسعة الانتشار في الأوساط الشعبية وجسد الرئيس الفرنسي، الذي فقد ثقة منتخبين صوتوا للجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في الانتخابات الإقليمية الأخيرة، أولويته بالعودة إلى وعوده العسلية التي استولى بها على أفئدة أنصاره الذين أوصلوه إلى الإليزيه عام 2007 والمتمثلة في استئصال كل مظاهر العنف والانحراف والتسيب التي أصبحت تعكر صفو الفرنسيين في الضواحي. ووجد ساركوزي ووزير داخليته، بريس هورتفو، صديقه منذ ثلاثين سنة، في دخول العنف إلى المؤسسات التعليمية، فرصة ذهبية تسكت المستائين من سياسته العامة وتستدرك ثغرات الاستراتيجية الأمنية الأولى. في هذا السياق، أكدت الصحيفة الفرنسية المذكورة - التي حققت خبطة صحفية لافتة بسبق إعلانها عن مشاريع ساركوزي الأمنية، أن استقبال الرئيس الفرنسي لكبار المسؤولين في سلكي الدرك والأمن بقصر الإليزيه يوم الاربعاء الماضي، يدخل في إطار التحضير لإنشاء سكرتاريا للأمن العمومي، وهي السكرتاريا التي بدأ ساركوزي في التمهيد لها بإلحاق ميشال غودان، محافظ شرطة باريس بسكرتاريا الأمن العمومي التي ستتخذ من ساحة بوفو – مقر وزارة الداخلية – مقرا لها، تحت الإشراف المباشر لوزير الداخلية، بريس هورتفو، على أن يخلف فردريك بشنار، المدير العام الحالي للأمن الوطني، ميشال غودان، على رأس محافظة أمن باريس. يجدر الذكر أن الرجلين من أقرب المقربين إلى الرئيس ساركوزي وكلود غييان، السكرتير العام لرئاسة الجمهورية. وحسب المتتبعين للشأن الداخلي الفرنسي، فإن التصور الجديد لمقاربة ساركوزي الأمنية، تصب أكثر من أي وقت مضى في الدور الحيوي الذي أصبح يلعبه بريس هورتفو، وخاصة بعد أن ألحق سلك الدرك بوزارة الداخلية وتعاظم التحديات الأمنية المختلفة. وبهذا الدور الجديد، سيصبح هورتفو ظل الرئيس في كل الأوقات ومنفذ قراراته السياسية وموجه ومسير سكرتير الدولة للأمن العمومي، صاحب المهمة العملية في الميدان الحرج الذي يعول عليه الرئيس الفرنسي لضمان راحة وأمن الفرنسيين.