فتحت مراكز الاقتراع أبوابها، أول أمس الأحد ، في أول انتخابات تعددية منذ ربع قرن في السودان، حيث سيتمكن نحو 16 مليون ناخب مسجلين من الإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس وبرلمان ومجالس ولايات. وقد أدلى الرئيس السوداني المنتهية ولايته، عمر البشير، بصوته عقب أربع ساعات من انطلاق الانتخابات. وتستمر عملية الاقتراع التي بدأت الأحد إلى الثلاثاء، ويتوقع أن تعلن النتائج يوم الأحد المقبل. وأعرب الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، الذي تشرف مؤسسته على الانتخابات، السبت عن أمله في أن تجري الانتخابات وفق المعايير الدولية. من جانبه، قال نائب رئيس مفوضية الانتخابات، عبد الله أحمد عبد الله، خلال مؤتمر صحفي في الخرطوم “نعلم وندرك أنه ليس هناك انتخابات كاملة في كل العالم، وهذه الانتخابات ليست استثناء”. وأضاف “تجري هذه العملية في ظل سريان قوانين تقيد بعض الحريات ودارفور تحت قانون الطوارئ ولكن المفوضية بذلت جهدا (...) ألا تشكل هذه القوانين أي عوائق لأنشطة الأحزاب”. وأكد أن “هذه الانتخابات لن تكون الوسيلة لتحول ديموقراطي كامل في السودان ولكننا نحتاج إلى انتخابات أولى وثانية وثالثة حتى يكتمل البناء الديمقراطي”. من جهته، توقع مبارك الفاضل “زعيم حزب الأمة - الإصلاح والتجديد” الذي يقاطع الانتخابات، أنها “لن تكون لا حرة ولا نزيهة (...) إنها تجري في بلد يحكمه حزب شمولي”. وغذت المخاوف بشأن الاستعدادات اللوجستية الجدال في السودان حيال تأجيل الانتخابات. وأنهت الأحزاب السودانية والمرشحون للرئاسة الجمعة حملاتهم الانتخابية، وعلى رأسهم الرئيس عمر البشير، الساعي إلى تأكيد شرعيته فيما يسعى حزبه للحفاظ على الغالبية في المجلس الوطني (البرلمان) الذي يعد 450 مقعد. وتشكل الانتخابات ورقة مهمة بالنسبة إلى البشير لتأكيد شرعيته في وجه الغرب، والمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت بحقه مذكرة توقيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور قبل سنة. وأكد البشير أنه سيولي جل اهتمامه للحفاظ على وحدة البلاد، مؤكدا أن استطلاعا “سريا” أجري في جنوب السودان أظهر أن 30 % فقط من الجنوبيين يؤيدون الانفصال. وبموجب اتفاق السلام الشامل الموقع في 2005 في نيفاشا، من المقرر أن ينظم مطلع 2011 استفتاء على تقرير مصير جنوب السودان. ولكن يشترط لقبول نتيجة الاستفتاء مشاركة 65 % من الناخبين المسجلين في الولاياتالجنوبية العشر بالاضافة الى السودانيين الجنوبيين المقيمين في الشمال. وينبغي أن تكون نسبة التأييد 50% زائد صوت واحد. وأبدى البشير استغرابه من انسحاب حزب الأمة التاريخي من الانتخابات بعدما أكد أنه تمت الاستجابة “لتسعين في المئة من شروطه”. ومع سحب الحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون سابقون) مرشحها إلى الرئاسة، ياسر عرمان، بات مرجحا أن يفوز البشير من الدورة الأولى للانتخابات أمام منافسيه السبعة وأبرزهم حاتم السر، مرشح الحزب الاتحادي الديموقراطي، وإن كانت فرصه معدومة عمليا. ولكن وإن باتت نتيجة الانتخابات الرئاسية محسومة، فقد تحصل مفاجآت في انتخابات المجلس الوطني. وبعد انسحاب حزب الأمة التاريخي من الانتخابات، فإن الأحزاب الأربعة الرئيسية الباقية في السباق، إضافة إلى المؤتمر الوطني، هي حزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، والحزب الاتحاد الديموقراطي والحركة الشعبية لتحرير السودان التي يمكنها من خلال المناطق أن تضمن السيطرة على نحو 25 % من مقاعد المجلس الوطني الذي يسيطر المؤتمر الوطني بزعامة البشير حاليا على 52 % من مقاعده. ومنذ الآن، أعلنت أحزاب “تحالف المعارضة” وبينها حزب الأمة والحزب الشيوعي والوطني الاتحادي عدم اعترافها بنتائج الاقتراع الذي دعت الناخبين الى مقاطعته. وقال رئيس حزب الأمة، الصادق المهدي، إن “الأحزاب التي قاطعت تريد انتخابات نزيهة” مكررا موقفه القائم على المطالبة بتأجيل الانتخابات والذي رفضته مفوضية الانتخابات. وأكد أن حزبه سيشارك في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان المحاذيتين للولايات الجنوبية واللتين يمكن أن تؤثرا على تقرير المصير في الجنوب بموجب اتفاق نيفاشا.