شرع 16,4 مليون سوداني، أمس، في الإدلاء بأصواتهم في أول عملية انتخابية تعددية حرة منذ 24 سنة، لاختيار رئيس البلاد والبرلمان والولاة ومجالس الولايات وعلى عكس توقعات الأحزاب المعارضة وبعض المراقبين شهد اليوم الاول من عملية الاقترا تنظيم محكم لعملية سير الانتخاب، أكده المراقبون المحليون والدوليون المتواجدون بأعداد كبيرة. وفتحت مراكز الاقترا المنتشرة على مستوى التراب السوداني أبوابها في الساعة الثامنة صباحا لاستقبال الناخبين، بعد أن استكملت كل الترتيبات الفنية والتقنية المتعلقة بالحدث حيث تم تجهيز مكاتب التصويت بصناديق الاقترا ونصبت خلايا عند كل مركز أوكلت إليها مهمة تحديد هوية الناخب وإرشاده الى مكتب التصويب المتواجد اسمه به لتسهيل عملية الانتخاب وتسريعها خاصة وأن الحرارة بهذا البلد تشهد ارتفاعا كبيرا على اعتبار أنه في فصل الصيف الآن. وفي جولة استطلاعية للشعب عبر بعض المراكز المنتشرة بالعاصمة الخرطوم، تأكد لنا أن ما كان يروج بعجز السودان وعدم قدرته على اجراء انتخابات تعددية حرة مجرد إشاعات كان يراد لها التقليل من قدرة البلد وتشويه صورته أمام الرأي العام العالمي، فمنذ خروجنا الى شورا الخرطوم لم نصطدم بدوريات الشرطة أو قوات الأمن حتى أن انتشارهم لم يكن بالشكل الذي يثير الانتباه، كما لمسنا الهدوء يسود المنطقة وحتى مراكز الاقترا، ولاحظنا تنقل الناخبين فرادى وجماعات باتجاه مراكز التصويت دون صعوبات أو مشاكل تذكر. وبمركز حاج مصطفى بالخرطوم البحري، الذي دخلناه في الساعة التاسعة والنصف زاد اقتناعنا بجاهزية السودان وقدرته على تنظيم مثل هذا الموعد الانتخابي، حيث لم يؤكد ممن استفسرناهم عن سير العملية الانتخابية وجود أي خروقات أو مشاكل، بل بالعكس كل الظروف وفرت والطاقات جندت لاستقبال آلاف الناخبين على مستوى العاصمة الخرطوم وهو ما ذهب إليه المراقب عن حزب الاتحاد الديمقراطي السيد حافظ أحمد اسحاق الذي أبرز أن كل الأمور تسير على ما يرام والانتخابات تجري بدون مشاكل، مفندا تسجيل أي تجازوات أو خروقات على مستوى المركز، فيما أكدت المراقبة المحلية السيدة حياة محمد عصمان بمركز القديس سان فرانسيس أن الانتخابات في اليوم الأول سادتها الشفافية والموضوعية وسارت العملية بسلاسة وان كانت قد تأخرت قليلا عن الموعد المحدد بسبب تعقيد الاجراءات وضرورة مراقبة كل أوراق الانتخاب قبل تسليمها للناخبين قبل أن تضيف أن المركز شهد إقبالا كبيرا للمواطنين السودانين مما يدل على وجود حرية في اختيار المترشح. بدوره، أكد مراقب منظمة المؤتمر الإسلامي عدم وجود خروقات أو تجاوزات على مستوى مراكز الاقترا بالخرطوم، موضحا أنه في العشر مراكز التي زارها وجد أن العملية تسير بشكل طبيعي كما أنه لم يسمع من المراقبين المحليين أي انطباعات سلبية عن العملية، مضيفا أن الأمور لا تزال في بدايتها، وسيعمل على تدوين كل الملاحظات ليعطي تقريرا مفصلا لاحقا. ويأمل السودانيون في إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحدد من يتولى تسيير شؤون البلاد في الفترة القادمة التي تعرف عدة رهانات لاسيما على مستوى الأمن الداخلي، حيث ينتظر تحديد مصير جنوب السودان، شهر جانفي القادم، في استفتاء شعبي، وحل مشكل النزا في منطقة دارفور نهائيا. وحسب توقعات المراقبين، يعد الرئيس المنتهية عهدته عمر حسن البشير من أبرز المنافسين المرشحين للفوز بمنصب رئاسة البلاد بعد انسحاب منافسيه الرئيسيين، إثر مزاعم بوجود تزوير. ويتقدم البشير قائمة المرشحين الرئاسيين ممثلاً حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وذلك بعد انسحاب ياسر عرمان من الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى جانب كل من زعيم حزب الأمة، الصادق المهدي، ومبارك عبد الله الفاضل المهدي عن حزب الأمة والإصلاح والتجديد، ومرشح الحزب الشيوعي السوداني محمد ابراهيم نقد، كما يشارك في الانتخابات الرئاسية عدد من ممثلي الأحزاب الثانوية، تبرز من بينهم رئيسة الاتحاد الاشتراكي السوداني الديموقراطي، فاطمة أحمد عبد المحمود محمد، لتكون أول امرأة تترشح إلى الرئاسة في تاريخ السودان. ويساند أغلب المواطنين السودانيين البشير ويتمنون فوزه في الانتخابات الرئاسية ليكمل برنامجه التنموي الذي أطلقه في البلاد، وتقول السيدة علوية عوض محمد علي أن الشعب السوداني ينتظر الخير من هذه الانتخابات لاسيما إذا فاز المؤتمر الوطني الحاكم في الرئاسة والولاية، لأن حكومة الإنقاذ قامت بإنجازات لم تحصل في السودان من قبل سواء في قطا التعليم، الصحة، السكن أوالأشغال العمومية، إضافة إلى الصحوة الدينية التي تركت في نفوس السودانيين الأثر الطيب. وترى السيدة حليمة دريس محمد 40 سنة، نجاح المؤتمر الوطني الحاكم فرصة لتعميق الاستقرار والتنمية في البلاد وتوسع حقوق المرأة، فيما يأمل المواطن سراي علي حسن 67 سنة في رفع معاش المتقاعدين وتحسين ظروف التعليم والصحة أكثر مما عليه الآن. .. والبشير يدلي بصوته وسط دعم شعبي واسع أدلى الرئيس السوداني الحالي عمر حسن البشير، بصوته في أول انتخابات ديمقراطية تحدث في البلاد، بحضور رئيس مفوضية الانتخابات السودانية ومناضلي حزبه. ووصل الرئيس السوداني الى مدرسة القديس سان فرانسيس في حدود الساعة ال 12 ظهرا بتوقيت السودان وسط حشد شعبي ظل يكبر ويهلل الى غاية دخوله مكتب التصويت. ورد الرئيس السوداني الذي كان يرتدي الجلابية التقليدية وعمامة بيضاء على الحشد بقوله ''الله أكبر'' رافعا سبابة يده اليمنى. ورفض البشير الإدلاء بأي تصريح إعلامي عقب اداءه واجبه الانتخابي واكتفى بقول ''الحمد لله'' لما سئل عن موقفه من اليوم الأول من اجراء الانتخابات. وأحاطت به جمو من أنصاره عقب خروجه من مكتب التصويت وهي تردد عبارة ''الله أكبر''، ليرد عليه برفع أصبعه الملطخ بالحبر في إشارة إلى أدائه الواجب الانتخابي.