تواصل إضراب عمال السكك الحديدية لليوم الثالث، حيث بقيت محطات القطارات عبر كافة ولايات الوطن خالية من المسافرين الذين توجهوا للبحث عن وسيلة نقل بديلة، بسبب إصرار عمال الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية على مواصلة مقاطعة العمل إلى غاية استجابة إدارتهم لطلبهم ورغم تدخل وزارة النقل التي تلقت مراسلة من الشركة للنظر في إمكانية الاستجابة لمطالب العمال لتتمكن القطارات من مواصلة رحلاتها، إلا أن منظر محطات القطارات الخاوية على عروشها بقي سيد الموقف. تحولت محطات نقل المسافرين الخاصة بالحافلات إلى مقصد لفئات كبيرة من المسافرين الذين هبوا إليها بأعداد تفوق طاقات الحافلات، بعد أن قرر سائقو القطارات التوقف عن إدارة المحركات تنديدا بأجورهم الهزيلة التي رفضت إدارة شركتهم الرفع منها، متعللة بإمكانياتها المالية التي لا تسمح بذلك في الوقت الحالي، ولكون أعداد المسافرين المستنجدين بالحافلات كان أكبر بكثير من طاقة استيعابها، تحتم الأمر على الكثيرين البحث عن سيارات أجرة التي وجد أصحابها في الإضراب فرصة سانحة لتحقيق مداخيل إضافية ولو على حساب المواطن المجبر على دفع ثمن الرحلة مضاعفا عدة مرات دون أن يجرؤ على النقاش، وإلا فما عليه إلا العودة أدراجه، وهو حال سيارات الأجرة العاملة عبر خط العاصمة بوفاريك، حيث قفز سعر الرحلة من 50 دينار للشخص الواحد في الأوقات العادية إلى 200 دينار، وفي غياب الرقابة رضخ جل المسافرين لمنطق أصحاب سيارات الأجرة الجماعية، ما دام رفض التنقل على متنها يعني عدم الالتحاق بالبيت. كما عرفت الطرقات ازدحاما كبيرا بسبب لجوء أصحاب السيارات إلى التنقل بواسطتها في ظل انعدام البديل، الأمر الذي جعل الرحلة من الثنية إلى العاصمة التي لا تتجاوز مسافتها 50 كيلومترا تستغرق وقتا قياسيا وصل إلى أربع ساعات عوض الساعة الواحدة أو ساعة ونصف في أسوإ الأحوال، مما أدى إلى وصول العديد من الموظفين إلى أماكن عملهم متأخرين بأكثر من ساعة، وما زاد في تأزم الوضع جهل المسافرين لموعد عودة القطارات للسير بصورة طبيعية، حيث لم تفض الاتصالات بين العمال والإدارة والوزارة الوصية إلى أي حل، ولم يبق أصحاب سيارات “الكلوندستان” خارج الإطار حيث سمح لهم الإضراب بالانتشار بالقرب من محطات الحافلات العاجزة عن تلبية طلبات المسافرين، باقتراح خدماتهم بأسعار أقل ما يقال عنها أنها خيالية، بعيدة عن إمكانية المسافر المضطر للتنقل يوميا للتوجه إلى مقر عمله.