بعد مرحلة الإنجذاب، ينتقل الحب إلى مرحلة أخرى أكثر استقرارا واتزانا، وهي مرحلة التقدير، حيث تنقص المشاعر قليلا تاركة للعقل كلمة يدلي بها للجوارح فيأمرها بالإستمرار أو بالتوقف، والعدول عن فكرة الدخول في علاقة عاطفية.. ثم تأتي مرحلة الإرتباط. وهنا من المهم الإشارة إلى المرحلة التي يتم فيها القرار بالإرتباط (سواء كان ارتباطا فعليا شرعيا، وهو الزواج، أو الإرتباط النفسي). إن كان القرار قد تم في مرحلة الإنجذاب فسيكون قرارا غير صائب، لأنه عندما تطغى الأحاسيس على الإنسان فإن قراراته لا تستدعي العقل، وبالتالي لن يرى الشخص مساوئ قراره بل محاسنه فقط. ثم تلي هذه المرحلة مرحلة التعود، وهي أخطر المراحل، لأن التعود على شيء يفقدنا قيمته. فكر معي أخي القارئ.. لو أنك تحب نوعا من الأكل بشغف ثم تبدأ في تناوله كل يوم، ماذا يصبح حال هذا الأكل بعد أسبوع فقط؟ إنه يفقد من قيمته و يصبح مثله مثل أي شيء آخر يؤكل.. ففي الحياة الزوجية، عندما يتعود الواحد على الآخر فإنه لا ينتبه لوجوده، وسنتكلم لاحقا - إن شاء الله - كيف يستطيع الزوجان الخروج من هذه المرحلة بسلام لتجديد حبهما. اما المرحلة الخامسة، فهي مرحلة المقارنة، أي مقارنة تصرفات شريك الحياة قبل وبعد الزواج ومقارنة الشريك بأشخاص آخرين . وهذه المرحلة تؤدي حتما لأسوء المراحل، وهي انعدام التوازن العاطفي بإلغاء التجارب الإيجابية والتركيز على التجارب السلبية والتعميم السلبي. وأخطر ما في هذه المرحلة هو قيام أحد الشريكين أو كلاهما بالحديث عن المشكل لأشخاص غير كفؤ في إعطاء الرأي، فيقفون إلى جانب الصديق و يحرضونه على الإنفصال. و هنا ملاحظة خاصة على شكل نصيحة أوجهها لكل من هم في هذه المرحلة - و ليس بالضرورة أن يكونا زوجين - لأن هذه الدورة تنطبق على كل علاقة ببن رجل و امرأة . أنصح القاري الكريم بقولي له: “حياتك الشخصية ليست للبيع!”، ولا تتحدث عن مشاكلك لمن هب و دب، بل استشر أولي المعرفة والعلم. آخر مرحلة قد تكون إيجابية أو سلبية، حسب كل حالة، و هي مرحلة الخروج. قد يكون الخروج سلبيا بالطلاق المرافق لمشاكل لا تحمد عقباها تتدخل فيها المحاكم والسلطات المعنية، وقد يكون الخروج إيجابيا بالانفصال بالتراضي وعدم جعل الأطفال وسيلة انتقام، بل يستمر الزوجان بالقيام بواجبهما حيال الأطفال و هما منفصلان. أما ثالث شيء، فهو أن تعود المياه الى مجاريها، وتعيد الدورة نفسها من مرحلة الانجذاب باستعادة الذكريات و خلق أجواء جديدة للزوجين أو للحبيبين، للإستمتاع بحياة افضل. = قصة قصيرة: صادف أن سمعنا في الحي مشادات وصلت أصوات أصحابها إلى بيتي و بيوت الجيران، والأمر كان يتعلق بزوجين تشاجرا شجارا عنيفا تدخل فيه والدا الزوج وأولاده، و والد الزوجة وأبناؤهما. و ينما تأججت حرب كلامية تارة و دفع بالأيادي تارة أخرى لم نعد فيه نر إلا الاولياء، إذ التفت أحدهم قائلا: “أين فلان، أين فلانة؟”، وهو يقصد الزوجين، فإذا بهما داخل منزلهما قد حلا المشكل على طريقتهما الخاصة. و الحكمة من هذه القصة هو أن للزوجين تكيف طبيعي لحل المشكل، وقد ينسيان ما جرى لكن من يكون حاضرا في الموقف سيتذكرون كل كلمة قيلت و كل فعل. لهذا قارئي العزيز، تذكر أن حياتك ليست للبيع، حل مشاكلك بنفسك، فالآخرون لم ولن يعرفوا مصلحتك مثلما تعرفها أنت. .. يتبع الدكتورة جليلة زهيد