لم يتحدث القرآن الكريم عن الحب إلا كإرادة امتلاك شيء، وعندما تحدث عن الحب بين الرجل والمرأة أسماه سبحانه وتعالى مودة.. قال الله تعالى:”ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة” (الروم 21). ولعل من التعريفات التي أحبذها لكلمة الحب ما جاء في كتاب الكاتب كريم الشاذلي “إلى حبيبين: كيف تسيطر على حياتك العاطفية وتكسب شريك عمرك” - ص23/24- “الحب عاطفة حسية روحية يحلق فيها المحبِون فوق سحاب مع أحلام وردية جميلة.. وقد يشيخ الحب.. ويذبل مع الأيام، فيأتي المحور الثاني (الرحمة) فيدفع عجلة الحياة الزوجية كي تستمر في الدوران”. أما المتنبي فقال في زمانه: وإن قليل الحب بالعقل صالح وإن كثير الحب بالجهل فاسد وقلت فيما مضى: إن أحببت الحب أبد الدهر لن ترتوي وإن أحببت رب المحب بقلته ستنكوي الحب حقيقة؟ لكل شيء في الحياة دورة خاصة به. فللحب دورة وللخوف دورة وللقلق دورة الخ.. فلنتحدث عن دورة الحب. تبدأ هذه الدورة بالإنجذاب بين الرجل و المرأة (ويسميها البعض مرحلة الكذب ولا أشاطرهم الرأي) فقد يكون انجذابا بصريا عند التقاء الشخصين لأول مرة، وهو ما نسميه حبا من النظرة الاولى أو “الضربة الصاعقة”، كما قد يكون انجذابا سمعيا بعد سماع أخبار عن شخص ما و عن محاسنه، و قد يكون انجذابا ذهنيا حيث يقع شخص في حب آخر من منطلق طريقة تفكيره أو تحكمه بمواضيع جادة لدرجة الحكمة، وقد يكون انجذابا عاطفيا، حيث تلتهب المشاعر، وتسمى بالمرحلة المشتعلة. ومن هنا نرى أن في مرحلة الإنجذاب تكون كل حواسنا متأهبة لاستقبال معلومات عن شخص أثار اهتمامنا. في هذه المرحلة يكون الحب في أوجه، و لا تظهر المساوئ بل المحاسن فقط، وكل طرف يحاول جذب اهتمام الآخر فيعطيه نظرة خاطئة عن نفسه سواء بطريقة إيجابية أو سلبية (لوجود ضغط غير عادي على الشخص فقد يسهب في الحديث أو يتلعثم وهذا بسبب الإنفعال)، من ثم قد يلجأ أحد الطرفين أو كلاهما للتضخيم إلى درجة الكذب أوإلى التقزيم لدرجة الإنكماش. هنا يكون الحب نصف حقيقة.. لأن الانفعال هو المتحكم في الموقف وفي مجراه، ويكون حقيقة إذا كانت درجة الإنفعال المختلطة بالإحساس متوسطة، حيث يتدخل العقل في الحكم على الموقف. الدكتورة جليلة زهيد