أبدى المستشار الخاص للرئيس الفرنسي، هنري غينو، استهانة شديدة بمطلب الجزائر الداعي الى ضرورة الاعتذار الرسمي لفرنسا عما ارتكبته خلال الفترة الاستعمارية، ورأى أنه “ليس من الجيد أن نسعى بعد كل هذه السنين لتحديد المسؤوليات والمحاسبة على الجرائم التي ارتكبت هنا وهناك”، معتبرا أن “مشكلة” الجزائر، أو ما يثير الجدل، ليس فيما اقترفه بيجار وأمثاله، ولكن في شرعية الحرب”، وذهب إلى حد القول إن “بيجار أنجز مهمته في الجزائر بكثير من الإنسانية والذكاء”. المستشار الخاص للرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، أطلق رسالة سياسية للجزائر، وليس مجرد تصريح أدلى به لوكالة الأنباء الفرنسية أمس، حين رثى فيه الجنرال الجلاد، مارسال بيجار، الذي اقترن اسمه بالتعذيب خلال الثورة التحريرية، ووصف بيجار بأنه “بطل قومي”، بالقول “لقد أنجز المهمة التي أوكلت له، بكثير من الذكاء والإنسانية”، رغم أن اسمه مقرون بصفة “السفاح”. وحسب تصريحات المستشار الفرنسي، فإن ما مر من السنين يسمح بتجاوز جرائم فرنسا وضباطها على غرار مارسال بيجار، لأن ما حدث للجزائريين من إبادة وتنكيل وتقتيل لم يكن سوى “إنجاز الجيش الفرنسي لمهمة أوكلت له”، مثلما قام بيجار بمهمته “القذرة” خلال معركة الجزائر، وقد كافأته فرنسا بتقليده أكبر عدد من الأوسمة وجعلته من الضباط الأكثر شعبية، رغم أن اسمه اقترن أيضا بالتعذيب خلال حرب الجزائر، التي كان يقود خلالها فوج المظليين الاستعماريين الثالث، وأشرف أثناءها على معركة العاصمة الجزائر سنة 1957 ضد مجاهدي جبهة وجيش التحرير الوطني. ولخص السفاح بيجار ما قام به من تنكيل وتعذيب في حق الجزائريين، أنه “شر لابد منه”، وهو ما تسعى إليه السلطات السياسية في فرنسا من خلال تلخيص كل ما تم اقترافه من جرائم وإبادات جماعية، على أنه أمر وقع وانتهى، وعلى الجزائر أن تفتح صفحة جديدة لا تحاسب فيها فرنسا، بل بالعكس، تمنحها موقع الأفضلية، وتمكنها من مواصلة التبعية من باب “المستعمرة القديمة”، والدليل على ذلك ما قاله نيكولا ساركوزي، ليرثي بيجار أول أمس، “إن تاريخه كان مثاليا وسيبقى نموذجا للجمهورية”، الأمر الذي يوضح بشكل واضح وجيد التوجه الفرنسي الحالي والمستقبلي، بما أن الجلاد والسفاح، مارسال بيجار “بالنسبة للفرنسيين، المقاتل البطل”.