الآن تبلورت الخطة، وصارت واضحة تمام الوضوح.. خطة فصل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية.. الخطة التي طالما حذرنا من الوقوع فيها بسبب انشقاق الصف الفلسطيني، وبسبب موقف حركة حماس في قطاع غزة ورفضها لكل حوار مع السلطة الفلسطينية، وانفرادها بالقطاع، ما أضعف موقف السلطة وفتح السبيل أمام إسرائيل لتزيد من تكريس القطيعة بين أشلاء فلسطين. ها هو وزير الخارجية الإسرائيلي، ليبرمان، يقولها بصريح العبارة، ويعلن عن بلورة خطة تهدف إلى رفع مسؤولية إسرائيل عن القطاع بشكل كامل، وتحويله إلى كيان مستقل تماما عن إسرائيل وعن الضفة الغربية، ويقول ليبرمان إن الخطة ستحظى باعتراف دولي وبإنهاء احتلال إسرائيل للقطاع بشكل كامل. طبعا مسؤولون من حماس رفضوا تصريحات ليبرمان، وقالوا إنهم يرفضون سلخ غزة عن فلسطين، لكن بعد ماذا؟ أليست تصرفات حماس في القطاع واتخاذها للفلسطينيين في غزة كرهينة لها في عملية ليّ الذراع الممارسة بينها وبين السلطة هي التي شجعت إسرائيل على التفوه بكلام كهذا؟ أليست حماس هي من شجعت على الترويج لمفهوم ”شعب” غزة، وأزمة غزة وحصار غزة، إلى درجة انمحت معها القضية الفلسطينية من أذهان الكثيرين. حماس هي من مهدت للفصل برفضها كل تواصل مع حكومة محمود عباس، والنتيجة استغلتها إسرائيل، التي ستنفض يديها من القطاع، وتزيد من تأزم الوضع بين الفصائل الفلسطينية، وستتلهى هذه في صراعاتها الداخلية، وتدخل من جديد في جدال بيزنطي، وتنسى أن إسرائيل ماضية في تنفيذ مخطط تهويد القدس، وإزالة كل مظاهر الإسلام والعروبة عنه، قبل أن تلحق سكان الضفة بالأردن، وتنتهي من مشكلة شائكة اسمها فلسطين. خطة ليبرمان ليست جديدة في شيء، وإنما خطط لها منذ سنوات، والخطة الأصلية تقضي بوضع غزة تحت الحكم المصري وإلحاق الضفة بالأردن، وتوطين الفلسطينيين المهجرين بعد رفض حق العودة، والجديد الوحيد هنا أن الظروف صارت مواتية لمثل هذه الترتيبات، بسبب انشقاق الصف الفلسطيني، وبرفض حماس لكل الحلول المقترحة من السلطة. حماس أعطت لإسرائيل بهذا التعنت وبمساهمتها في إضعاف الخيار الفلسطيني، ما لم تحققه إسرائيل في كل الحروب التي خاضتها مع العرب، وهي بذلك أعادت القضية الفلسطينية إلى نقطة الصفر، إلى وضع أسوأ من هزيمة 1967.