مراسل الشروق من غزة. فؤاد الخفش فرضت حركة حماس سيطرتها المطلقة على قطاع غزة, وتوقف إطلاق النار, بعدما استولت على كل مقار السلطة, بما فيها مقر الرئيس عباس, وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عن إلقاء القبض على تسعة من أبرز "قادة التيار الانقلابي" في الأجهزة الأمنية وحركة فتح في القطاع، وذلك بعد فرض سيطرتها الكاملة على كافة المقار الأمنية الرئيسية والفرعية. كلف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وزير المالية في الحكومة التي أقيلت, سلام فياض بتشكيل حكومة الطوارئ الفلسطينية, بعد أن أصدر الرئيس عباس مساء الخميس، ثلاثة مراسيم رئاسية، تقضي بإقالة حكومة الوحدة الوطنية، ورئيس الوزراء إسماعيل هنية، وإعلان حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية، وتشكيل "حكومة إنفاذ حالة الطوارئ"، حسب تعبير المرسوم. وقال الطيب عبد الرحيم أمين عام الرئاسة في مؤتمر صحفي عقده في مقر الرئاسة في رام الله, "تقرر دعوة المجلس المركزي للانعقاد، في أقرب فرصة ممكنة، حتى يضطلع بمسؤولياته الوطنية، والحفاظ على الشرعية الفلسطينية"، وهو المرسوم الذي جاء حسب قوله بعد توصية من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي اجتمعت يوم الخميس، وطالبت محمود عباس بإقالة الحكومة وإعلان حالة الطوارئ. في بيان تلاه أمام الصحفيين, برر عبد الرحيم هذه المراسيم بما حدث من "محاولة انقلابية عسكرية ضد الشرعية الفلسطينية وانتهاك القانون الأساسي الفلسطيني وقانون السلطة الفلسطينية"، على حد تعبيره, ووصف عبد الرحيم التطورات في غزة بأنها "محاولة انقلابية عسكرية ضد الشرعية الفلسطينية في انتهاك واضح للقانون الأساسي, مؤكدا أن الاقتتال ترك "أثارا مدمرة على النضال والحقوق الوطنية الفلسطينية" في الوقت الذي "تستمر إسرائيل في ضرب شعبنا". من جهة أخرى رفض إسماعيل هنية قرار الإقالة, وقال في مؤتمر صحفي عقده في مدينة غزة بعد منتصف ليلة الخميس إلى الجمعة "أن الحكومة القائمة سوف تمارس عملها على أكمل وجه ولن تتخلى عن مسؤولياتها الوطنية والأدبية تجاه شعبنا الفلسطيني,..أن وجودنا في الحكومة جاء بإرادة شعبية وديمقراطية وعبر صندوق الاقتراع وان حكومة الوحدة الوطنية تمثل 96 بالمئة من الشعب الفلسطيني. تعليقا على قرار إقالته أكد أن الوضع القائم في ساحتنا الفلسطينية لا تصلح معه قرارات منفردة على هذا الشكل وبعيدا عن أي توافقات وطنية, ووصف القرارات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني بإقالته وإعلان حالة الطوارىء في الأراضي الفلسطيني بأنها "قرارات متسرعة, وأكد أن حركة حماس لا تعتزم إعلان دولة في قطاع غزة, قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الوطن الفلسطيني, لا لدولة فلسطينية في القطاع وحده فالدولة كل لا يجزأ". وانتقد رئيس الحكومة الفلسطينية "تعامل البعض مع المؤسسة الأمنية على أنها ممالك وإقطاعيات خاصة" ما أدى إلى حالة فوضى تسبب فيها طرف لا يريد النجاح حتى لحكومة الوحدة الوطنية بدوافع شخصية, وأشار بالخصوص إلى "محور الارتكاز العميد رشيد ابوشباك الحلقة المتقدمة في إفشال كافة وزراء الداخلية سواء من فتح أو حماس, وأكد أن كل الأجانب وكافة المؤسسات الدولية المتواجدة ستحظى بالرعاية وتوفير الأمن لهم ولمهماتهم. ولفت الانتباه إلى تفاقم الاعتداءات بحق المواطنين الفلسطينيين وحكومتهم، مشيراً إلى أنّ "النقلة الأخطر" جاءت بدخول قوات أمن الرئاسة والأمن الوطني إلى جانب ما يسمى "تنفيذية فتح"، وجرى بموجب ذلك ارتكاب جرائم دامية وعمليات قتل على الهوية وحتى بسبب اللحية، وقتلوا العلماء وأئمة المساجد، وشاركوا في عمليات النهب والسرقة، واقتحموا منازل المواطنين. وعلى الصعيد الميداني, قالت كتائب القسام، على لسان "أبو عبيدة"، الناطق الإعلامي باسمها، في تصريح صحفي له يوم أمس: نعلن اعتقال عدد كبير من قيادات وعناصر "التيار الانقلابي العميل" بينهم تسعة من قيادات هذا التيار ممن كانوا يمارسون القتل والإجرام بحق أبناء الحركة والمواطنين. وأعلن الأسماء التسعة وبينهم: العميد جمال كايد قائد الأمن الوطني, والعميد مصباح البحيصي القائد العام لحرس الرئاسة، وحمودة الشيخ علي نائب القائد العام لحرس الرئاسة, وتوفيق أبو خوصة الناطق باسم حركة فتح, ماجد أبو شمالة أمين سر حركة فتح في قطاع غزة, وعبد العال الغول أحد كبار مسؤولي حرس الرئاسة, وضرغام صابر البحيصي "الجزار" المسؤول في حرس الرئاسة، ومحمد البحيصي مسؤول جهاز الاستخبارات, وأن هؤلاء المعتقلين هم "قيد التحقيق حالياً وتحت تصرف قيادة الكتائب حيث سيجرى استجوابهم تمهيداً لمحاسبتهم". حمى الاقتتال تنتقل إلى الضفة الغربية وفي مكان ليس ببعيد عن قطاع غزه من الناحية الجغرافية انتقلت حمى الاقتتال إلى الضفة الغربية التي تخضع بشكل كامل للسيطرة الإسرائيلية، والتي تعتبر مركز قوة لحركة فتح وبالذات بعد حملات الاعتقال لكل قيادات وناشطين حركة حماس في الضفة لا سيما الوزراء والنواب وممثلي الشرعية الفلسطينية. ومن الجدير أن نشير هنا أن الاعتداءات في الضفة الغربية هي اعتداءات من جانب واحد ألا وهو حركة فتح، والتي تنظر بقلق كبير لما يحدث لقياداتها وإفرادها في قطاع غزه، حيث أعلنت حركة فتح في غير مكان في الضفة الغربية عن استهدافها لحركة حماس ولكل عناصرها ومؤسساتها، في محاولة منها لضغط على حركة حماس في قطاع غزه. وفي سابقه تعتبر الأولى من نوعها في أراضي الضفة الغربية المختلة أقدمت عناصر من شهداء الأقصى المحسوبة على حركة فتح بإعدام احد أنصار حركة حماس وهو الشهيد أنيس السلعوس 32 عاما، ويذكر أن السلعوس هو شخص عادي وليس من نشطاء حماس بل من المقربين من حركة حماس، الأمر الذي أدى إلى امتعاض وغضب كبير في الشارع الضفاوي الذي يعتبر أن يصل الأمر إلى حد الإعدام والاغتيال أمر غريب ومستهجن لم تعتد عليه الضفة ولا شارعها . وشهدت ساعات أمس الجمعة هدوءًا لم يعتد عليه الفلسطينيون في الأيام الخمسة الأخيرة بعد موجة اشتباكات عنيفة قتل خلالها أكثر من 113 فلسطينيا وأصيب نحو 200 آخر من أفراد حركتي فتح وحماس. عناصر الأجهزة الأمنية التزموا منازلهم فيما توارى القادة عن العيون وفر بعضهم إلى الضفة الغربية مثل العقيد رشيد أبو شباك والعقيد محمد دحلان الذي تتهمه حماس بقيادة التيار الانقلابي (كما يطيب لحماس تسميته) فيما بقي مصير من تبقى منهم في غزة مجهولا بعد أن قامت القسام بقتل عدد ممن أسمتهم" التيار الخياني" في حركة فتح وأبرزهم سميح المدهون ومرافقيه وقبل ذلك جمال أبو الجديان وعدد من أفراد الأمن الوقائي. عريقات: لقد تبخرت آمال دولة فلسطينية أعلن المسؤول البارز في حركة فتح صائب عريقات أمس أن سيطرة حركة حماس على قطاع غزة هي أسوأ ما أصاب الفلسطينيين منذ هزيمة 1967 التي أدت إلى احتلال إسرائيل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين عقب إطاحة حماس بالقوات الموالية لحركة فتح في قطاع غزة اثر أسبوع من المعارك الطاحنة التي أسفرت عن 113 قتيلا "للأسف فإن ما حصل يعيدنا إلى الوراء، سنوات كثيرة إلى الوراء, انه أسوأ ما حصل للفلسطينيين منذ 1967,.. لقد بات قطاع غزة والضفة الغربية منفصلين وتبخرت الآمال بإقامة دولة فلسطينية, لقد أضحت غزة رسميا خارج سيطرة السلطة الفلسطينية"، واصفا النصر العسكري الذي حققته حماس بأنه "تمرد" وانه يجب الآن السعي إلى "إصلاح الأضرار". ودعا عريقات المجتمع الدولي إلى عدم جعل حياة الفلسطينيين في غزة أسوأ مما هي عليه الآن, وقال "ندعو المجتمع الدولي إلى ضمان فتح معبر رفح" بين القطاع ومصر، مشيرا إلى أن هذا المعبر هو بوابة الخروج الوحيدة للفلسطينيين من غزة. ا ف ب بيرتس: فتح انتهت في غزة ولا خيار سوى الحوار مع حماس اعتبر وزير الحرب الصهيوني "عامير بيرتس" أنه في حال أتمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" سيطرتها على قطاع غزة والمعابر الحدودية فلن يكون أمام جيش الاحتلال خيار سوى التحدث مع الحركة. وقال بيرتس: إن "قصة فتح في غزة انتهت ولم يعد هناك شيء اسمه فتح وحتى فلولها سيتم القضاء عليها خلال 24 ساعة ", وأضاف في تصريحات نقله مكتبه أنه من المتوقع أن تحسم "حماس" المعركة خلال 24 ساعة وتسيطر على الجانب الفلسطيني من المعابر الحدودية، "وحينها سيجد الجيش نفسه لأول مرة أمام خيار التحدث مع حماس صاحبة السيطرة الميدانية", حسب الشبكة الإعلامية الفلسطينية. في سياق متصل، اعتبرت وزيرة الخارجية الصهيونية "تسيبي ليفني" أن "انتصار حماس في غزة سيلقي بظلال من الشك على قدرة عباس في التوصل لأي اتفاقات بشأن دولة فلسطين", على حد قولها, من جهة أخرى وصف محللون صهاينة سقوط التيار الانقلابي في فتح بقولهم: إن "القوات التي بناها محمد دحلان في غزة بأموال أمريكية وموافقة إسرائيلية انهارت تماما مثل برج من الورق ومن بقي من فتح لم يخرج للشوارع ما يعني انتهاء عهد فتح في غزة". منظمة المؤتمر الإسلامي تحث على إنهاء الاقتتال حثت منظمة المؤتمر الإسلامي حركتي فتح وحماس على إيجاد حل للازمة في قطاع غزة الذي أعلنت حماس سيطرتها عليه بعد معارك عنيفة. وصرح وزير الخارجية الماليزي سيد حميد البار أن "منظمة المؤتمر الإسلامي عاجزة عن القيام بشيء" مشيرا إلى وجود "حدود لما يمكن للمنظمة أن تفعله تماما مثل الأممالمتحدة, ويجب أن تحل هذه المسائل عن طريق ديناميكيات داخلية". وأضاف أن الصراع على السلطة يهدد فرص إقامة دولة فلسطينية مستقبلية ويمكن إن تستغله إسرائيل لمصلحتها, وقال إن هذا سلاح جيد لإسرائيل وللذين يقولون أن لا حاجة لتطبيق خطة سلام (...) وبذلك تستمر إسرائيل في أساليبها ولن نتمكن من تحقيق تطلعنا بإقامة دولة فلسطينية". ودعا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان اوغلى إلى إنهاء القتال, أين صرح للصحافيين عقب لقاءه سيد حميد البار "يجب حل هذه المسألة والتعامل بمنطق وضبط النفس", وأشار إلى احتمال عقد المنظمة اجتماعا طارئا للبحث في الأزمة. أف ب