رافقت “الفجر” أعوان فرقة التدخل السريع التابع للبحرية الجزائرية في فرعه ببجاية مرفوقين بفرقة من عناصر الحماية المدنية المتخصصين في الإنقاذ البحري وإسعاف حالات الغرق في عين المكان، في مهمة افتراضية لإبراز كفاءات أعوان الحماية المدنية وزملائهم من حرّاس السواحل في التأطير على سلامة الأشخاص وحفظ حياتهم بعد انتشالها حية ترزق من على بعد مئات الأمتار من عرض البحر وعلى الشاطئ خمس دقائق لإنقاذ حياة غريقة جرفها التيار البحري من شاطئ المغرة انطلقنا في المهمة البحرية من الجناح المخصص لأفراد البحرية الجزائرية في مركزه المتواجد بميناء بجاية وكلنا شغف أن ننقل ولأول مرة مشاهد ميدانية يعيشها يوميا أفراد الحماية المدنية بمعية فرق الإسعاف البحري التابعة للبحرية الجزائرية. كانت مسيرتنا بالقارب بطيئة في البداية على الأقل في الكيلومتر الأول واجتزنا نقاط التفتيش الأمنية المنصبة في عرض الساحل قبل أن يشد بنا الرحال كابتن القارب وسائقه، وبدأت رحلتنا الإعلامية وكان أعوان البحرية مكفلين بمراقبة الشواطئ انطلاقا من شاطئ عاصمة الولاية وصولا إلى شواطئ بلدية تيشي وأوقاس التي غصّت بالمصطافين، وكان المنظر جميلا بالمقابل مهمة هؤلاء الأفراد كانت صعبة ومعها مغامرات كثيرة. ومع تواجدنا على بعد زهاء عشرة كلم في عرض البحر والجميع كان منهمكا في مهام مكلف بها، صدفة تلقى مفتش البحرية الكابتن- مباركي أحمد - اتصالا من قاعدة البحرية مفادها تلقيهم خبرا عن غرق طفلة بعرض شاطئ المغرة ليبدأ العمل الحقيقي والمتبادل بين أفراد البحرية المكلفة بالإسعاف وفرقة للحماية المدنية. ونحن نتابع أطوار هذا التدخل الطارئ، هرعت إلى عين المكان فرقة من عناصر الغواصين مباشرة بعد تلقيها الخبر مجهزين بالعتاد الخاص بالإنقاذ وبكامل المعلومات الكافية والشافية عن مكان تواجد الشخص الغريق في مهمة مليئة بالمغامرات والتحدي خاصة مع تلاطم أمواج البحر وهبوب الرياح. وفي زمن قياسي لم يتعد خمس دقائق كلل التدخل السريع بإنقاذ حياة الطفلة الغريقة ونقلها إلى المستشفى من طرف فريق آخر من المسعفين كانوا ينتظرون في جهة الساحل. بعدها، كانت الفرصة لكابتن الرحلة أن دلّنا على الكثير من الأمور التي لا يعرفها الكثير إلا أهل هذا الواجب، منها ما يتعلق بمهام أفراد البحرية وعناصر الحماية المدنية اللذان يستنفران نشاطيهما الميداني خلال موسم الصيف حيث يزداد عملهم من أجل حماية المصطافين وضمان السكينة لهم في عرض الشواطئ المسموحة للسباحة. كما يسهر هؤلاء على الحفاظ حياة الكثير من المصطافين الذين يستهويهم الاستجمام في أماكن محظورة عن السباحة، إذ تابعنا مشهدا عن ذلك خلال بداية رحلتنا عندما جاب قاربنا جانبا من عرض الساحل بمنطقة الزقواط المليئ بالصخور، فلاحظنا وجود الكثير من الأطفال وحتى بعض المسنين الذين يجازفون بحياتهم بالسباحة في هذا المكان الخطر، ورغم التحذيرات التي أطلقها أعوان الحماية المدنية بترك المكان إلا أن هؤلاء المصطافون واصلوا السباحة، الأمر الذي الذي فرض على أفراد الحماية المدنية تكثيف الدوريات تحسبا لأي طارئ. في هذه الرحلة التي دامت أكثر من أربع ساعات تعرفنا خلالها كيف يجتاز أفراد الحماية المدنية والبحرية الجزائرية عملهم الميداني انطلاقا من مركز المعلومات وصولا إلى تحقيق نتيجة إيجابية وهي إنقاذ حياة الأشخاص المحاصرين بأمواج البحر وتياراته البحرية، فكانت مراحل الرحلة بمثابة حقائق يعايشها يوميا هؤلاء الأفراد المكفلين بحماية حياة الأشخاص الذين يستمتعون بزرقة مياه البحر وفي خدمتهم هؤلاء الحراس الساهرين على طمأنينتهم وسكينتهم عبر 36 شاطئ مسموح للسباحة تتمركز بها فرق الحماية والأمن الوطني بمختلف أسلاكه. أكثر من 5.5 مليون مصطاف يتدفقون على سواحل بجاية على هامش هذه الرحلة، قدم مسؤول الحماية المدنية في بجاية حصيلة تدخلات أعوانه خلال شهري جوان وجويلية من هذا الصيف، حيث تم إحصاء 4437 تدخلا عبر الشواطئ المنتشرة بالولاية على امتداد مئة كلم تم خلالها إسعاف 3894 مصطافا في عين المكان، وبلغ عدد المتوفين بالغرق تسعة مصطافين ستة منهم توفوا في شواطئ غير مسموحة لسباحة في ما تم إنقاذ من الموت المحقق 278 شخصا. وقدرت ذات المصالح توافد أكثر من خمسة ملايين ونصف مصطاف طيلة الشهرين فقط إلى سواحل بجاية، كما امتد نشاط أعوان الحماية المدنية إلى ميادين أخرى كإخماد الحرائق المشتعلة وإسعاف ضحايا حوادث المرور. وفي هذا الشأن، تدخلت الحماية المدنية خلال نفس الفترة في2610 مرة عالجت منها 182 حادث مرور أودت بحياة عشرة أشخاص وجرح 313 آخر، علاوة على تمكّن أعوان الحماية المدنية بالتعاون مع مصالح البلديات من إخماد 191 حريقا وإتلاف 780 هكتارا من المساحات الغابية وأكثر من أربعة آلاف شجرة مثمرة في نشاط امتد إلى 14 وحدة للحماية المدنية منتشرة عبر دوائر الولاية.