في حرب الخليج الثانية نصح عرب أمريكا الرئيس جورج بوش الأب بعدم إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين.. لأن البديل لصدام آنذاك سيكون التيار الشيعي الموالي لإيران! وقد انتصحت أمريكا بنصيحة عربها! وأوقفت الحرب قبل أن تدخل بغداد.. وقد كانت قادرة على دخولها!؟ رغم أن إيران اتفقت مع أمريكا على إسقاط صدام في بداية الحرب.. وعلى هذا الأساس قدمت التسهيلات المطلوبة منها لشن أمريكا وحلفائها العرب هذه الحرب ضد العراق! واليوم تصل أمريكا إلى طريق مسدود مع إيران في الملف النووي فتلجأ إلى العقوبات.. لكنها عندما تصل إلى طريق مسدود مع إيران في ملف العراق لا تلجأ إلى معاقبة إيران.. بل تلجأ إلى طلب مساعدة المرجع الديني الشيعي علي السيستاني الذي هو صوت طهران في النجف! في البلدان الأخرى تحل الأزمات السياسية بالانتخابات.. لكن في العراق الانتخابات هي التي عقّدت الأزمة السياسية! أصابع إيران غير بريئة في هذا الموضوع.. فهي تريد أن يبقى الأمريكان عند "خيشومها" ولا ينسحبون من العراق، لأن في ذلك ضمانة لعدم شنّ حرب على إيران في المنظور القريب.. ولكن أمريكا التي وعدت عند غزو العراق بأن تترك خلفها عراقا ديمقراطيا بمثابة منارة ديمقراطية ترسل الإشعاع إلى المنطقة برمتها.. لم توفّق حتى في إقامة حكومة مقبولة من طرف رجال بريمر.. فما بالك بالشعب العراقي؟! ولهذا فشلت أمريكا في العراق فشلا ذريعا.. حيث لم تستطع أن تبني حكما مقبولا بديلا للحكم الذي هدّته بالحرب.. ولم تستطع أن تحسم الأمر الأمني.. وتلك معضلة كبيرة!؟ وقد يكون طارق عزيز وزير خارجية صدام حسين على حق حين قال: إن أمريكا ستنسحب تاركة وراءها عراقا فريسة سهلة للذئاب والكواسر! ويبدو أن أمريكا الآن لم يبق أمامها سوى الاتفاق مع إيران بأن تكون القوة الإقليمية البديلة لعرب أمريكا في الشرق الأوسط.. لأن إيران في النهاية تمضغ أمريكا ولا تبلعها عكس العرب الذين سهلوا ضرب البنتاغون ونيويورك في أول فرصة! وقد تكون تركيا فهمت الدور الجديد لإيران وما تنويه أمريكا، فدخلت في حلف طهران وتركت إسرائيل لحلف القاهرة والرياض لأن العرب أصبحوا سلعة فاسدة لا تستهلك في العالم الإسلامي! هذا هو المعنى الذي نستشفه من استنجاد أوباما بعلي السيستاني في موضوع العراق وهو يعرف أن السيستاني وخامنئي شيء واحد!