زكاة الفطر سميت بذلك لأن وجوبها يتحقق بالفطر من آخر يوم من رمضان. وتسمى زكاة الفطر التي هي الخِلْقة المُرادَة بقوله تعالى: “فطرةَ اللهِ التي فطرَ الناس عليها” (الروم: 30)، والمعنى أنها وجبت على الخِلْقة تزكيةً للنفس وتطهيرًا لها وتنميةً لعملها وزكاة الفطر لشهر رمضان كسجدة السهو للصلاة تجبر نُقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة. وقد جاء في حديث صحيح أن الصوم معلّق بين السماء والأرض حتى تخرج الزكاة. أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث الصحيح أن الصيام معلّق بين السماء والأرض حتى تُؤدى زكاة الفطر، وإذا صح الحديث فهل لأحد أن يسال عن صحة ذلك؟ فإذا لم تؤد زكاة الفطر بقي الصيام معلقا كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، مع أنه ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وجعلها على الحُر والعبد وعلى الذكر والأنثى والصغير والكبير لمن ملك قوت يومه وليلته”. ولأنها طهرة للصائم فلا فرق في ذلك بين الغني والفقير؛ فيخرجها المسلم ليس عن نفسه فحسب بل عمن تلزمه نفقتهم كزوجته وأبنائه ومن يتولى أمورهم، والإنفاق عليهم، فإذا أراد المسلم أن يشفع له صومه؛ فعليه أن يرفعه برافعة زكاة الفطر حتى يضع صومه أمام ربه فيشهد له ويشفع له أمام ربه سبحانه وتعالى، للحديث المشهور أنها “طُهرة للصائم من اللهو والرفث”. وهي أيضًا: “طُعمة للمساكين في يوم العيد حتى يعم المسلمين جميعًا شعور الغِبْطة والسرور والسعادة”. وعن مقدار صدقة الفطر ووقت أدائها يحدثنا ابن عمر رضي الله عنهما كما في صحيح البخاري قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. وزكاة الفطر تجب بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان؛ فكل مَن أدرك جزءًا من رمضان وجزءًا من شوال تجب عنه الزكاة؛ فتخرجها عمَّن وُلِد قبل غروب الشمس من آخر يوم من رمضان، وكذلك نخرجها عمّن مات بعد الغروب، لكن من وُلِد بعد الغروب فلا زكاة عنه؛ لأنه لم يدرك جزءًا من رمضان. ويزكي الإنسان عن نفسه، وعمَّن تلزمه نفقته من المسلمين كزوجته وأولاده الذين ينفق عليهم والخادم الذي يعمل بأجر وشرط نفقته على المستأجر. وكذلك يزكي عن أبويه إن كانوا في كفالته ولا مال لهم.