نعود للحديث عن الماء وكيف جعله الله جل شأنه مصدر حياة كل الأشياء، فبدونه لا تحيا المخلوقات. وأبلغنا العظيم الجليل أنه سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء، وتأكد للعلماء في أبحاث تواصلت علي مدى أربعمائة عام أن الحضارات القديمة قامت على ضفاف الأنهار، وأن الله جل شأنه خص الارض بالماء ولذا تفردت بقيام حياة البشر عليها يقول الدكتور محمود ربيع، من جامعة الأزهر، يشكل الماء 60 % من جسم الإنسان.. فإن كان متوسط وزن الفرد ستين كيلو غراما فإن الماء يشكل 36 كيلو غراما من هذا الوزن. وحتى تستقيم حياة الانسان فإنه يحتاج إلى شرب لترين أو ثلاثة لترات من الماء يوميا. ومن الممكن طبعا أن تكون ضمن هذه الكمية سوائل في صورة مشروبات أو عصائر أو محتويات الغذاء من الماء، وذلك لتعويض ما يفقده الجسم يوميا من الماء الموجود بالجسم عن طريق البخار الخارجي أثناء ”الزفير”، إحدى عمليات التنفس، وعادة يتخلص الجسم من الماء الزائد عن حاجته عن طريق الكلى، لأن الله جل شأنه خلق كل شيء في أجسامنا بمقدار، وإذا وهنت الكلى أوأصيبت بمرض ما فإن هذا الماء يصعد إلى الرئتين ويعاني الإنسان من ضيق تنفس وإذا لم يتم إسعافه بشفط هذا الماء من الرئتين فإنه يهلك ويموت. هنا يثور سؤال: حينما نشرب كوبا من الماء.. كيف يسري هذا الماء في أجسامنا برحيق الحياة؟؟ الماء إذا غاب عن الجسم أو لم نتناوله عن قصد أو عن نسيان، فإن أجزاءً كثيرة من الجسم تصاب بالفشل والفناء، فمثلا جعل الله الماء غسيلا للعين من خلال القناة الدمعية التي تفرز الدموع لغسل العين وتنقيتها من التراب والشوائب التي قد تصيبها، وإذا غاب الماء ولم تغسل العين بالدموع فإن قرنية العين تصاب بالجفاف، وقد يفقد الإنسان بصره. وكذلك الوضع في الكلى تصاب بالقرح إذا غاب عنها الماء وتنتهي بالفشل الكلوي، وأكثر من ذلك فإن الإنسان يصاب بضغط الدم المنخفض. وسبحان الخالق البديع، فبمجرد نقص الماء عن القدر المحدد له من السماء تبدأ أملاح الصوديوم في الارتفاع وترتفع أسموزية الدم، فتنطلق شفرات تحفز مركز العطش في المخ، ويشعر الإنسان بالعطش ويستجيب لندائه ويشرب الماء. صيام رمضان وماذا يحدث للإنسان إذا لم يجد الماء ليروي عطشه.. كأن يكون في الصحراء مثلا أو صائماً ومحظوراً عليه المشرب والمأكل؟ هنا يرى الأطباء الإعجاز الإلهي في أبلغ صوره، حيث يقوم المخ بإصدار هرمون، وهذا الهرمون يحمل شفرة إلى الكلى للإحتفاظ بالماء وعدم التخلص منه، فتتراجع كمية البول لأدنى مستوى ممكن فتخف حدة الشعور بالعطش. لنعد ونتساءل في ظل إبداع الله في حلقة بجعل كل شيء في أجسامنا بميزان وقدر حساس. فما هو العضو المسؤول عن إبقاء توازن السوائل في أجسامنا؟ إنه الكلية.. العضو الذي لا يزيد حجمه علي قبضة اليد، وهو العضو الذي يشكل آية من آيات الله في أجسامنا، فهو يقوم بتصفية 180 لتر دم يوميا ولا يمكن للإنسان أن يجد له بديلا. وقد أثبتت دراسات العلماء، مؤخرا، أن جهاز الغسيل الكلوي على ضخامته، والذي يحل محل الكلية الصغيرة لتخليص الدم من السموم ورغم المعاناة التي يتعرض لها الإنسان أثناء عملية الغسيل الكلوي، فإن جهاز الغسيل الكلوي كبير الحجم غالي التكلفة، الذي ينقي الدم ثلاث مرات في الأسبوع وتستغرق كل مرة أربع ساعات.. رغم ذلك كله فإنه لا يقوم إلا ب 12% مما تقوم به الكلى لو تم هذا الغسيل في أكبر مراكز الغسيل الكلوي في أكبر الدول المتقدمة في العلاج، مثل أمريكا على سبيل المثال..