بعد أيام على كشف أمر الفيروس الذي أصاب أجهزة حاسوب مفاعل بوشهر النووي الإيراني وحواسيب بعض العاملين فيه، بدأت في الظهور ادعاءات بوقوف أجهزة استخبارات أجنبية وربما إسرائيلية خلف ذلك. بل إن جهات إسرائيلية بدأت تسريب معلومات ليس هناك من يؤكدها حول ما وصلت إليه الحرب السيبرنتيكية بعد كل التطورات السابقة في الحرب الإلكترونية. ويوم أمس، كتب المعلق الأمني في "هآرتس" يوسي ميلمان أن الهجوم الكومبيوتري على مفاعل بوشهر يشير إلى حدث ليس فريدا من نوعه في مجال الحرب السيبرنتيكية. وأشار إلى أن الغاية من مثل هذا الهجوم الفيروسي الذي يتم بطريقة إدخال "دودة" مزدوجة: استخلاص معلومات من حواسيب الخصم عن طريق إدخال برامج تسمى "حصان طروادة"، والثاني زرع برنامج "دودة" أو إدخال فيروس يضرب الحاسوب أو يشل منظومة متطورة تعتمد على الحاسوب. وكتب أنه سبق ونشر أن إسرائيل شلت منظومة الرادارات السورية، وهو ما حال دون اكتشاف الطائرات الحربية التي قصفت في أيلول 2007 منشأة دير الزور. وقال إنه إذا كانت عمليات شل منظومات الرادار في الماضي تتم عبر أجهزة الحرب الإلكترونية بإطلاق موجات كهرومغناطيسية تشل وتشوش عمل أجهزة الرادار، فإن التقديرات في السنوات الأخيرة تعاظمت حول أن شل الرادارات السورية تم عن طريق فيروس. وذكر ميلمان بأنه سبق ونسبت لإسرائيل قدرات في مجال الحرب السيبرنتيكية بينها ما أعلن في وسائل الإعلام اللبنانية حول نجاح الاستخبارات الإسرائيلية في غرس برامج تجسس في شبكة الهاتف الخلوي اللبنانية. وأشار إلى أن هدف هذه العملية هو سرقة معلومات ومتابعة مستخدمي الشبكة. واستذكر كذلك اعتقال وإعدام الإيراني علي أشتري الذي كان يعمل في بيع الحواسيب والأجهزة الإلكترونية. وبحسب التحقيقات المعلنة معه فإن أشتري اعترف بقيام الموساد الإسرائيلي بتجنيده وأن دوره كان إدخال برامج تجسس وربما أيضا بضائع معطوبة كانت ستصل للجيش الإيراني وللحرس الثوري. وأشار ميلمان إلى أن الخبراء في الشأن الإيراني وكذلك في علم الحاسوب يعتقدون أن هدف الفيروس الذي زرع في حواسيب إيرانية كان ضرب منشأة تخصيب اليورانيوم في نتانز وتشويش عملها. وأوضح أن هذا الاستخلاص هو ثمرة تحليل البرنامج المسمى "ستوكسنت" وقدراته. ويتنافى هذا التحليل مع التقديرات السائدة بأن الفيروس كان يستهدف مفاعل بوشهر والأجهزة العاملة فيه. ويشدد ميلمان على أن مفاعل بوشهر لا ينظر إليه حاليا بخطورة لا في إسرائيل ولا في الولاياتالمتحدة لأنه ليس عنصرا أساسيا في مجهود بناء القنبلة. وهذا ليس حال منشأة نتانز التي يجري فيها تخصيب اليورانيوم. وهناك من يعتقد أن فيروس "ستوكسنت" تم تطويره على أيدي أجهزة استخبارات متطورة وقد تكون وحدة جمع المعلومات الإلكترونية في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المسماة وحدة 8200 والموساد وراء ذلك. ولكن خبراء إسرائيليين أوضحوا لوكالة "رويترز" أن حرب الحواسيب غدت عنصرا مركزيا في التخطيط الاستراتيجي لإسرائيل. وقد أنشأت إسرائيل لهذا الغرض وحدة جديدة تهدف فقط إلى خلق تكتيكات اقتحام متطورة. وقال أحد هؤلاء الخبراء إنه "في عهد حكومة نتنياهو تقف الحرب التكنولوجية على رأس جدول الأولويات القومية، هناك في الأعالي إلى جانب منظومات الصواريخ وإعداد الجبهة الداخلية لمواجهة هجمات صاروخية مستقبلية". ومقابل الكلام الإسرائيلي الذي يعتقد أن الفيروس أفلح في عرقلة مشروع إيران لزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي هناك تقدير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وشدد على أن هذا الفيروس ليس شديد النجاح. فالفيروس انتشر أيضا في الهند ولم يقتصر على إيران.