يوجد في الجزائر العشرات من الأطفال المصابين بمرض نادر يسمى “فينيل كيوتن يوريا، أو “ phenylcetonurie”، حيث يعاني هؤلاء الأطفال في صمت، خاصة أن علاج المرض يكلفهم اتباع حمية غذائية قاسية. كما يرهق المرض كاهل الأولياء نظرا لتكاليف العلاج الباهظة وخوفهم من مصير أبنائهم في حال حدوث مضاعفات المرض عبارة عن اضطراب في التمثيل الغذائي لحمض أميني أساسي، أي مرض من الأمراض الإستقلابية المتنحية، حيث يكتسبه الطفل من أحد الوالدين إذا كانت الجينات المسببة للمرض موجودة في العائلة. وتظهر المشكلة في نقص كفاءة الكبد في إفراز الإنزيمات الخاصة بعملية التمثيل الغذائي لحامض الفينيلانين وتحويله إلى تيروسين، وذلك لنقص وراثي في إنزيم فينيل الأنين هيدروكسيليز، المسؤول عن عملية التحول، ما يؤدي إلى زيادة مادة فينل الأنين في الدم، الذي يتحول إلى مادة فينيل كيتون، ما يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وتفرزه الكلى في البول. ولايستطيع الأولياء معرفة إذا كان ابنهم مصابا بالمرض في وقت مبكر، إلا إذا تم إجراء تحاليل مخبرية خاصة تكشف عن وجود مادة الفينيل في بول الطفل. وتظهر أعراض المرض في صغر حجم الجمجمة والتخلف العقلي، وقد يكون أهم أعراض هذا المرض نوبات الصرع، تلون الجلد بالأصفر، تصلب في الفخذين والأرداف عند الأطفال والرضع. كما قد تكون هناك بعض التشوهات الجسمية خاصة في الأطراف السفلى. ولعلاج المرض يزود الطفل، منذ الأيام الأولى بعد ولادته، بوجبات غذائية منخفضة في محتواها من حمض الفينيل الانين، بحيث تكون الكمية كافية لسد عمليات النمو وتعويض التالف من الأنسجة، ويجب أن تقدم هذه الوجبات خلال الأسابيع الأولى من الولادة، حيث أن تأخيرها يترتب عليه ظهور أعراض تخلف عقلي دائم لا يمكن علاجه، ويمكن للمريض أن يتناول وجبات غذائية عادية في عمر4-6 سنوات، حيث يكون قد اكتمل نمو خلايا المخ. ومع هذا يلتزم المرضى بحمية غذائية قاسية، حيث لا يسمح لهم بتناول البروتينات، أو منتجات تحوي نسبا عالية من الحمض الاميني، وإنما توفر لهم بعض الأغذية التي نزع منها هذا الحمض ليستفيدوا من بقية العناصر الغذائية، أو توجد بها نسب قليلة من الفينيل. وأمام خطورة هذا المرض وصعوبة التكفل به، وخاصة أمام ندرة الأدوية، اقتربنا من بعض المرضى والمهنيبين ذوي الصلة لتحسس الإنشغالات. الداء خطير و”الريجيم” القاسي يستدعي التفاتة من السلطات أخصائيون يدعون إلى السير على خطى الدول المتقدمة في التكفل بالمرض التحاليل الطبية ضرورة.. والتيليطون لجمع التبرعات يخفف عن المرضى أكد المختصون على ضرورة السير على خطى الدول المتقدمة في التكفل بمرضى “الفينيل كيوتن يوريا” بإجراء التشخيص المبكر الداء، بفرض التحاليل الطبية الكفيلة بكشف الإصابة للمولودين حديثا بكل المستشفيات. في هذا السياق، أكد مختصون في طب الأطفال، في حديث مع “الفجر”، أن داء “الفينيل كبوتن يوريا” جد خطير على الأطفال، خاصة في حال عدم علاجه من البداية، حيث يؤدي إلى اضطرابات عقلية وتخلف ذهني، ما يؤدي إلى فقدان الإنسان السوي وتحوله إلى معاق، الأمر الذي يزيد من تكاليف التكفل به، مضيفا أن الإصابة بهذا الداء قليلة، وهو مرض وراثي تنقله الأم إلى الطفل، الأمر الذي يستدعي إجراء تحاليل خاصة بعد الولادة، مباشرة على غرار ما تقوم به الدول المتقدمة. وأشار، من جهة أخرى، إلى أن الدول هناك تقوم بجمع التبرعات عن طريق إجراء تليطون خاص لتوفير مصاريف علاج المرضى بشكل دوري، معلقا في الوقت ذاته: “لماذا لا ننتهج نحن نفس الأسلوب ما دام الأطفال بحاجة إلى ريجيم خاص وتكاليفه باهضة لا يستطيع الأهل توفيره”. وعن المرض، قال المتحدث إنه يرتبط بثلاثة مظاهر تتمثل في اضطرابات في تمثيل الدهون في الجسم، ما يؤدي إلى تراكمها في الخلايا العصبية واضطرابها، بالإضافة إلى اضطرابات في تمثيل الأحماض الأمينية ما يؤدي إلى تراكم الأحماض المشتقة من “الفينالالاين” في الدم والبول، زيادة على اضطراب في تمثيل الكربوهيدرات، مشيرا إلى أن هذه الاضطرابات تؤدي إلى التخلف العقلي إن لم يخضع المريض للعلاج في وقت مبكر. وفي السياق ذاته، قال مصدرنا إن فشل الكبد في إنتاج الأنزيمات الخاصة بتحويل الحامض الاميني “الفينلالانايين” الموجود في الحليب إلى مادة “التايروسيين” يمنع المريض من تناول الحليب العادي ويفرض عليه استهلاك حليب “ماكساميد” الذي يعتبر دواء ومادة غذائية في وقت واحد. وعن تناول المواد الغذائية الأخرى، قال المتحدث إن المصابين بداء “الفينيل كيوتن يوريا” يستطيعون تناول الخضر والفواكه فقط، بالإضافة إلى الدواء. ويمنع عليهم تناول اللحوم بأنواعها، والحليب ومشتقاته، ومختلف أنواع البقول الجافة والحلويات ومنتجات القمح والفرينة وذلك طيلة مدة العلاج، التي قد تتجاوز عشر سنوات. وفي هذا الإطار، قال المتحدث إنه في الدول المتقدمة استطاعوا تصنيع بعض المواد الغذائية للأطفال المصابين ب”الفينيل كيوتن يوريا”، على غرار الفرينة والمعكرونة وبعض الحلويات، الأمر الذي يخفف عنهم الريجيم، بالإضافة إلى دواء “كوفان” الذي يساعد المرضى على الهضم ويمكنهم من تذوق بعض الأطعمة غير الداخلة في الريجيم، الذي يعتبر قاسيا، خاصة بالنسبة للأطفال صغار السن. كريمة هادف من شدة الجوع والحاجة سهام الطفلة ذات 14عاما تسرق البيض وتأكله بقشره خفية عن أهلها سعر العلبة الواحدة من الحليب الطبي “ماكساميد” 14 ألف دينار بعد قدوم أحد المواطنين إلى مقر الجريدة يشكو الحالة المزرية التي آلت إليها حفيدته المصابة بمرض “الفينيل كيوتن يوريا”، قال الحاج جيلالي إن الطفلة تستهلك أربع علب من الحليب الخاص بالحمية، وكيف أن الطفلة من شدة الجوع تقوم بسرقة البيض ومن خوفها تستهلكه كاملا بالقشرة. وهنا قال إنه يرجو من السلطات المعنية، متمثلة في وزارة الصحة ووزارة التضامن، التكفل بتوفير المواد الغذائية الداخلة في الحمية “الريجيم”، وذكر المتحدث أنه لا يستطيع توفير حتى علبة واحدة من الحليب كون تكلفته تفوق مليون سنتيم للعلبة. ولا يتوفر الحليب إلا في صيدلية واحدة والتي تأخذ على عاتقها جلب الدواء وتوزيعه على المرضى، ولا تأخذ من المرضى سوى ما تكرم به أو ما استطاع أهل المرضى دفعه من مبالغ قليلة، حتى تتمكن الصيدلية من جلب كميات أخرى. ك. هادف البروفيسور خياطي في تصريح ل”الفجر” التشخيص المبكر للمرض يؤدي إلى العلاج الفعال دعا البروفسور مصطفى خياطي، السلطات العمومية إلى ضرورة التشخيص المبكر لمرض “فنيل كيتون يوريا”، من خلال إجراء تحاليل للأطفال حديثي الولادة بشكل إلزامي، على غرار ما يحدث في الدول المتقدمة التي استطاعت التحكم في المرض، عن طريق التعرف على أي مرض وراثي يمكن أن يكون الرضيع حاملا إياه ووصف العلاج المناسب مباشرة. أكد البروفيسور خياطي، في حديث مع “الفجر”، أن التشخيص المبكر لمرض “فنيل كيتون يوريا” يؤدي إلى الشفاء المبكر ل300 طفل مصاب، وهو الرقم الذي يشير إلى الأطفال الذين تم التعرف على مرضهم فقط، ليبقى العشرات غير معروفين، داعيا إلى ضرورة التكفل بهذه الفئة منذ الولادة، لأن الكشف عن المرض مبكراً يسهل عملية العلاج، مشيرا إلى أنه على الوزارة التكفل بهذه الفئة مادام العدد قليلا. وفي ذات السياق، قال المتحدث إن التشخيص يتم عن طريق فحص بول ودم الطفل لتحديد الإصابة بهذا الإضطراب، مشددا على ضرورة الكشف المبكر نظرا لخطورة المر ض، بالإضافة إلى المضاعفات التي تصيب الطفل في حال تأخر العلاج، كون ارتفاع مادة “الفينيل اللانيل” بالدم الناجمة عن عوز أنزيم خاص باستقلابها يؤدي إلى مضاعفات عصبية خطيرة تصل إلى الإعتلال الدماغي الدائم. ونظرا لكون مرض” فنيل كيتون يوريا”، اضطرابا وراثيا يؤدي إلى التخلف العقلي الشديد، فلابد من التشخيص المبكر والعلاج المبكر، مضيفا أن أعراض المرض لا تظهر عند ولادة الطفل مباشرة، ولكن تبدأ في الظهور بشكل تدريجي.. متمثلة في ازدياد بياض البشرة واصفرار الشعر وزرقة العينين والإلتهابات الجلدية، بالإضافة إلى الحركات اللاإرداية في الأطراف، والصرع. وفي نفس الإطار، إذا تبين من الفحص المبكر، بعد الولادة مباشرة، وجود هذا المرض يكون العلاج بالتزام الطفل بتناول حمية خاصة تعتمد أساسا على تغذية الرضيع بحليب خاص لا يحتوي على بروتين”الفينالالاين” طوال الست سنوات الأولى من عمر الطفل، وهذا يحميه من التخلف العقلي. وعليه دعا المتحدث السلطات المعنية إلى ضرورة التكفل بالأطفال ابتداء من الكشف المبكر للمرض، مشيرا إلى أن مثل هذه الإجراءات تجرى بشكل إلزامي لجميع الأطفال بعد ولادتهم مباشرة في الدول المتقدمة، ومن جهة ثانية التكفل بتوفير الأدوية والحليب الخاص بالحمية من الولادة إلى غاية التماثل للشفاء، حيث أن النظام الغذائي يقتصر على تناول الحليب الغذائي الخاص بهذا المرض، ثم يتم إدخال المواد الغذائية الأخرى بالتدريج إلى أن يتم العلاج، مؤكدا في ذات الوقت أن تكاليف العلاج تنقص في حال الكشف المبكر، كما أنها تنقذ حياة شخص وتتفادى حدوث إعاقات دماغية لدى هذه الفئة. كريمة هادف تستورده من الخارج بإعانات المحسنين صيدلية وحيدة تحملت مسؤولية توفير الحليب لعشرين مريضا بعد النداءات المتكررة التي وجهها المواطنون عبر صفحات جريدة “الفجر” يطلبون فيها من ذوي القلوب الرحيمة إعانتهم على توفير مصاريف العلاج الباهظ، الذي قالوا إنه يتمثل في حليب طبي سعر العلبة الواحدة منه يفوق مليون سنتيم، وبالإضافة إلى غلاء ثمنه فهو غير متوفر بالصيدليات الخاصة، ولا حتى بالصيدلية المركزية. وحسبما أفاد به أولياء المرضى، توجد صيدلية واحدة فقط تزود الأطفال المرضى بالحليب الطبي “ماكساميد”، مقابل ما يدفعونه من أموال، كل حسب استطاعته. وبخصوص هذا الموضوع، انتقلت “الفجر” إلى الصيدلية الوحيدة التي تقوم بجلب مادة الحليب العلاجية وتزويد المرضى بها، وهي الصيدلية الكائن مقرها بدائرة حسين داي، حيث استقبلتنا صاحبة الصيدلية وأجابت عن كل تساؤلاتنا. البداية كانت من مقال نشر في الصحف الوطنية قالت صاحبة الصيدلية إن “الفينيل كيوتن يوريا” مرض نادر وليس معروفا في الجزائر، وعلاجه غير متوفر في بلادنا، إذ نستورده من الخارج. وعن أسباب تكفل هذه الصيدلية بجلب الحليب، قالت إن البداية كانت إثر حالة الطفل ريان الذي يعاني مرض “فينيل كيوتن يوريا” الذي اضطر والده لبيع بيته من أجل توفير مصاريف العلاج. وتقول المتحدثة إن إحدى المحسنات أرادت التكفل بجلب الحليب من الخارج، وطلبت من صاحبة الصيدلية بمساعدتها بتسخير مقر الصيدلية كي يكون مرجعا يلجأ إليه أهل المرضى ويأخذون الدواء من عندها، وبالفعل كان أهل المرضى يأتون ويأخذون الدواء، لكن هذه المحسنة لم تتمكن من توفير كميات الحليب نظرا لغلائها فانسحبت، لتبقى صاحبة الصيدلية وجهة المرضى الوحيدة. وفي هذا الإطار، تقول المتحدثة “بعد انسحاب هذه المحسنة اضطررت لأخذ مهمة جلب الحليب على عاتقي” وقمت بالتعامل مع المستورد “فابروفارم” الذي يجلب هذا الحليب من الخارج بطلب مني وبالكميات التي أطلبها”. وتقول المتحدثة إنها تضطر لجمع الأموال من المحسنين كل مرة وزيادتها إلى المبالغ التي يدفعها الأولياء من أجل اقتناء الحليب. وفي ذات السياق، قالت إنها عند بداية عملها سنة 2007 كانت تتكفل بطفلين، أما الآن فهي تتكفل بجلب الحليب لعشرين طفلا، وذكرت المتحدثة أن الطفل الواحد يستهلك 5 علب في الشهر، وهو الأمر الذي صار تحديا حقيقيا بالنسبة لها. وذكرت المتحدثة أنها راسلت وزارة الصحة عدة مرات بخصوص هذا الموضوع، إلا أنها لم تلق أي إجابة من الوزارات المتعاقبة..!