تلفت انتباهك داخل الصيدليات علب أغذية كتب عليها خال من الغلوتين موجهة إلى فئة من المرضى الذين يعانون من حساسية تجاه هذه المادة أو ما يعرف بداء حساسية القمح، وهو مرض يلزم أصحابه اتباع حمية غذائية تمنعهم من تناول القمح ومشتقاته ومنتجاته طوال حياتهم كالخبز والحلويات وأنواع أخرى من الأغذية لأنها تسبب لهم متاعب صحية، ويلجؤون إلى تناول أغذية صيدلانية كتب عليها خال من الغلوتين تستمر معهم من طفولتهم إلى مراحل متقدمة من حياتهم. تذكر مريم أنها لم تتناول في حياتها شيئا يدخل في تركيبه الغلوتين إلا وأصابتها آلام بطنية شديدة وحتى وإن حاولت تذوق شيء ما فإنها تنتظر نصيبها من الآلام المبرحة التي لا تزول إلا بزيارة الطبيب، وقد رافقها هذا النوع من المواد منذ صغرها وأصبحت تدقق في أي شيء تريد تناوله، تقول مريم إن مرض حساسية القمح لازمها منذ السنة الأولى من عمرها وقد تعبت والدتها في إبعاد الحلوى عن يديها ومختلف المأكولات الأخرى إلى أن كبرت قليلا وتحملت المسؤولية بنفسها، وترى مريم أن مرض حساسية القمح مرض مزمن ومتعب ويجب أن يتمتع المريض بإرادة قوية تمكنه من الامتناع عن تناول المأكولات التي تزيد من مرضه. يجهل الكثير من الناس هذا المرض مع أن عددا كبيرا من الأطفال يعانون منه بالإضافة إلى البالغين الذين يعانون من تبعات هذا المرض، خاصة وأنه يتطلب نظاما غذائيا معينا خاليا من بروتين الغلوتين الذي يتواجد في القمح وبعض الأغذية الأخرى. وترى الدكتورة أمينة برناوي أن مرض حساسية القمح مرض مزمن ويتطلب علاجه صبرا كبيرا خاصة من قبل أولياء الأطفال الذين يعانون من هذا المرض. وفيما يتعلق بأعراض مرض حساسية القمح فهي تختلف من مريض إلى آخر ويصيب الداء عادة الأطفال في عمر السنة إلى 3 سنوات، وبداية المرض تنطلق عند بدء تناولهم الأطعمة المحتوية على الغلوتين كالخبز وغيره، ولكن في بعض الحالات لا تكشف الإصابة إلا في أعمار متقدمة، فبعد إدخال القمح إلى طعام الطفل تتسارع وتيرة ظهور العوارض وقد تخف لاحقاً لتختفي مع البلوغ لكنها تعاود الظهور في أعمار متقدمة وفي حالات قليلة، كما قد يطال الداء كبار السن، وفي شكل عام يمكن إجمال المظاهر المرضية للداء في الإسهال المتكرر الذي قد يصل إلى 30 مرة في اليوم بسبب نقص الأملاح والغثيان والتقيؤ وآلام البطن وانتفاخه الظاهر بالإضافة إلى نقص الوزن. ويتم تشخيص الداء بناء على المظاهر المذكورة بدعم من الفحوصات المخبرية الدموية ونتائجها ولا ننسى أن التحسن الصحي يحدث بعد وضع المصاب على نظام غذائي يحذف منه الغلوتين، ويعتبر ذلك أحد المقومات الأساسية في التشخيص. وتؤكد الدكتورة برناوي أنه لا يوجد علاج يشفي من داء حساسية القمح وتقول إن اللبنة الأساسية في المداواة هي شطب الأغذية التي تحتوي على الغلوتين وذلك لمنع ظهور المرض ومظاهره المزعجة وبالتالي مضاعفاته، وتضيف أن تطبيق هذه النصيحة في شكل حازم يسمح للمصاب أن يعيش حياة طبيعية تماماً، خصوصاً للأطفال لكي ينمون في شكل عادي من دون مشاكل. ويرى السيد سمير صيدلي أن الغلوتين لا يوجد فقط في القمح والشعير ومشتقاتهما مثل الخبز والكعك والكسكسي وغيرها، بل قد يوجد في مواد غذائية أخرى قد لا تخطر على البال مثل الأغذية المعلبة التي يجب قراءة محتوياتها للبحث عن وجود الغلوتين فيها كما توجد في بعض الأدوية التي يدخل في تركيبها الغلوتين. وترى الدكتورة برناوي أنه على المريض اتباع نصائح الطبيب والتزام حمية خالية من الغلوتين لتجنب أي مضاعفات قد تحدث وتنصح الأولياء بضرورة تعويد أبنائهم على اتباع نظام غذائي وحمية خالية من الغلوتين للإسراع في شفائهم.