انطلق فلاحو سكان منطقة القبائل في عملية جني الزيتون منذ أيام، بعادات وتقاليد تعكس بساطة أهلها وتضامنهم، وتبيّن مدى تعلقهم بهذه الثروة المباركة نظرا لفائدتها الصحية فضلا عن كونها مصدر رزق العديد من العائلات الفقيرة، وما ميز هذه السنة هو كون المردود سيكون معتبرا بالمقارنة مع السنوات الماضية حسب تقدير أحد الفلاحين يدشن سكان منطقة بجاية موسم جني الزيتون بتجسيد عادة يطلقون عليها تسمية “تاحمامت” بذبح ثور وتوزيعه على أهل القرية قربانا لله ويتصدقون به بمساهمة رب كل أسرة في تقديم اشتراكات ومساهمات يقرر قيمتها حكماء القرية أو كما يطلق عليها ب”تاجماعث”، وبذلك تعد النسوة الطبق التقليدي المشهور بالمنطقة وهو الكسكسي باللحم ثم تتوجه العائلات إلى الحقول للانطلاق في عملية جني الزيتون الذي يختلف ويتنوع من منطقة إلى أخرى، حيث يطلق على الزيتون الكبير اسم “أزاراج” باللهجة القبائلية ويسمى الزيتون الصغير “أشميال”. كما تتوزع أشجار الزيتون بولايتي تيزي وزو وبجاية على مساحة تتجاوز27 ألف هكتار، وترتكز أغلبيتها في المناطق الجبلية ما يجعلها عرضة للحرائق التي تنشب كل صيف وتتلف نسبة كبيرة من هذه الثروة الهامة، الأمر الذي أدى حسب تصريح العديد من الفلاحين إلى إتلاف عدد معتبر من أشجار الزيتون، وهو ما يؤثر على نسبة المحصول لهذه السنة، الشيء الذي يجعل سعر زيت الزيتون يرتفع على ما هو عليه، حيث تجاوز سعر لتر من الزيت السنة الماضية والتي قدر فيها المحصول بحوالي 15 مليون، أكثر من 500 دج للتر الواحد. يعتمد سكان القرى والأرياف في جمع الزيتون على عادة “التويزة”، التي ما زالوا يحافظون عليها نظرا لما تمثله من معاني التضامن والأخوة، وهي تعتمد على تعاون أفراد عائلتين أو أكثر في جمع زيتون كل واحدة إلى غاية نهاية المرحلة، ويبدأون العملية منذ الصباح الباكر إلى غاية ساعات المساء كونهم يحملون معهم الزاد من الطعام وأباريق القهوة والشاي التي يحضرونها في الحقول. بعد جمع الزيتون يوضع في أكياس ثم تقوم العائلات بنقله إلى المعصرة، التي تحوله إلى مادة الزيت وهي جاهزة للاستهلاك. ومنذ وقت ليس ببعيد كان الفلاحون يستعملون الوسائل التقليدية في عصر وتحويل الزيتون، لكن رغم كونها تعطي لنا نوعية جيدة للزيت إلا أنها تستغرق وقتا طويلا يجعل الفلاحين ينتظرون أسابيع للحصول على الزيت كون الطلب يزداد عليها، وقد حل محلها الآن معاصر عصرية أدخلت عليها تقنيات جديدة يتسنى بفضلها إكمال العملية في ظرف زمني قصير. وللتذكير، فإن ولاية بجاية وحدها مصنفة من أكبر ولايات الوطن إنتاجا للزيتون وتضم أكثر من 431 معصرة مقابل ما يقرب 5 مليون شجرة زيتون موزعة على 50 ألف هكتار أي ما يمثل 17 بالمئة من المساحة الإجمالية المخصصة لأشجار الزيتون على مستوى الوطن. ورغم إتلاف الحرائق في هذه الصائفة للعديد من الأشجار، إلا أن الفلاحين استبشروا بمحصول جيد لهذه السنة خاصة وأن الأمطار الأخيرة ستساهم في رفع مردود حبات الزيتون.