تشهد، هذه الأيام، مناطق ولاية البيض حركة غير عادية بسبب هجرة معظم موالي الولايات السهبية الرعوية، منها ولاية الجلفةوالأغواط والنعامة وبشار، حسب ترقيم مركباتهم المتوافدة 17،03 ،45 نحو صحراء الجنوب الكبير تحديدا على خريطة ولاية البيض، بعد موجة الأمطار التي تهاطلت خلال شهر سبتمبر المنصرم على معظم الولايات الجنوبية حيث أنعشت المراعي بهذه الجهة المسماة صحراء الجنوب الكبير بالعشب الطبيعي الذي يعد محل البحث من طرف كافة مربي وموالي الولايات السهبية خلال موسم الخريف. ولم يتوقف تدفق هؤلاء الموالين قرابة الشهر، إذ لاتزال مظاهره متواصلة إلى حد الساعة، بالأخص موالي ولاية الجلفة، الأغواط، والنعامة، مرورا بشبكة طرقات ولاية البيض بالجهة الجنوبية والشمالية، كما هو الشأن هذه الأيام إذ يشهد الطريق الوطني 47 و59و6 ب توافدا غير مسبوق لشاحنات الموالين محملة برؤوس الغنم تشد الرحال اتجاه مراعي الأبيض سيدي الشيخ، البنود، وكذا وادي الناموس. وحسبما أشار إليه أحد الموالين ل “الفجر”، نهاية الأسبوع الماضي، فإن جل الموالين سيكتسحون مساحات هامة، بحثا على الكلأ لمواشيهم بعد أن ضاقت بهم السبل بمعظم مراعي الولايات السهبية القريبة من مواقعهم الرعوية. وتضاف إلى معاناتهم، حسب تعبير الموالين، موجة غلاء الأعلاف التي عصفت بهذه الولايات المعنية خلال الفترة الأخيرة، إذ وصلت أ سعار الأعلاف إلى أسقف مقلقة انحصرت ما بين 2000 دج و3000 دج منها الشعير، النخالة، الخرطال، الذرة.. ولم تستقر عند هذا الحد، والتي وصفها الكثير من الموالين بغير المعقولة أمام تقلص مساحات كبيرة للرعي، بالأخص المناطق المذكورة، رغم المساعي المبذولة من قبل الوزارة الوصية لدعم الأعلاف لمزاولة هذا النشاط الهام الذي يساهم بقدر كبير في الاقتصاد الوطني. وفي نفس السياق، فقد تحولت شبكة طرقات ولاية البيض للهجرة الجماعية، خاصة من موالي الجلفة الذين يتنقلون مشيا على الأقدام رفقة زمر من قطعانهم عبر صحاري مناطق البيض بهدف البحث عن الكلأ لمواشيهم، بعد أن تراجعت المراعي بالشمال والشرق والغرب، ولم يبق على واجهتها إلا آثار اليابس و التصحر بسبب العوامل الطبيعية التي لم تستثن أي منطقة على خريطة التراب الوطني. وأمام الأوضاع الرعوية المزرية، يقول معظم الموالين إنه لا مفر لديهم إلا الترحال رفقة قطعانهم أينما توفرت الظروف الملائمة لاستقرارهم، سواء في الشرق أو الغرب أو الجنوب، كما هو الحال هذه الأيام بمراعي ولاية البيض التي عرفت تهاطلا للأمطار الطوفانية، حيث أصبحت مراعيها الشاسعة مليئة بالكثير من النباتات.. الرقيم، الباقل، الرمث.. تعد بديلا وتعويضا عن الأعلاف التي أنهكت كاهل الموالين، وكلفتهم الكثير من الأموال. من جهة أخرى، ناشدت بعض الجمعيات المعنية بحفر المزيد من الآبار الإرتوازية لرفع الغبن عن السكان بالجنوب الذين يتلقون مشقة كبيرة لجلب المياه لعائلاتهم وقطعانهم، لاسيما خلال الصيف، ما يضطرهم لقطع مسافات طويلة نحو المدن لجلب المياه. والأخطر من ذلك أن الصحاري القاحلة صعبة المعيشة بها نظرا للبعد الشاسع بينها وبين المدن على الخريطة الرعوية، إذ أصبح الكثير من البدو الرحل يلتحفون السماء ويفترشون الأرض بغض النظر عن حالات الفقر المدقع التي ظهرت وتفشت بشكل رهيب بين أوساط أسر الفئة الموالة بالولايات السهبية، حتى وصلت أوضاعهم الاجتماعية إلى حد غير مقبول. للتذكير، فإن تنقلات الموالين بجل المناطق السهبية تساهم بقدر كبير في توطيد العلاقات الإجتماعية بين السكان، وكذا انتعاش الحركة التجارية، لاسيما بالمناطق التي تزورها قوافلهم. لذا يأمل كافة الموالين أن تستدرك نقائص مصادر المياه بالجهة، أي حفر الآبار بمناطق متفرقة بالصحاري الجنوبية.