فتح المشرع الجزائري باب الكفالة من أجل الحفاظ على مصير فئة الأطفال الذين حُرموا من حنان الوالدين، ليكون الكافل بمثابة الحصن المنيع الذي يحميهم من خطر التعرض للآفات الإجتماعية التي يمكن أن تصيبهم.. لكنه فتح المجال كذلك لضعاف النفوس والمنحرفين لاستغلال الأطفال والإعتداء عليهم جنسيا، حيث سجلت شبكة ندى 35 بالمائة من الأطفال يعانون الإهمال والتحرش الجنسي كشف رئيس شبكة ندى، عبد الرحمن عرعار، أن أعضاء الجمعية يتلقون شكاوى من طرف أطفال يعانون من سوء المعاملة من طرف العائلة الكفيلة، حيث سجلت 35 بالمائة يعانون الإهمال والتحرش الجنسي، من بينهم فتاة تعرضت للتحرش الجنسي من قبل أطراف العائلة بعد وفاة الأم الكفيلة. وأضاف ذات المتحدث أن مشكلة التحرش الجنسي تكمن في غياب متابعة نمو الأطفال في العائلات الكفيلة، بالرغم من وجود مختصين تابعين لمصلحة النشاط الإجتماعي من أجل متابعة هؤلاء الأطفال، ما يمكنهم من اكتشاف هذه الحالات والإبلاغ عنها، ومن ثم وضع الطفل في مركز خاص إلى حين تسوية الأمر. وفيما يتعلق بكيفية الحصول على كفالة طفل محروم، أكد ذات المتحدث أنها تتم بعد القيام بتحقيق اجتماعي حول ذات العائلة ودراسة وضعيتها المادية والأخلاقية، ولا تمنح الكفالة إلا إذا توفرت شروط قانونية للعائلة التي تريد إعطاء اللقب للطفل المتكفل به. وعن هذه الظاهرة، يقول عبد الرحمان عرعار، إن بعض الأطفال يقعون فريسة في يد كافلهم الذي يمارس عليهم مختلف أشكال سوء المعاملة، ما يؤثر على مستقبلهم، خاصة أنهم لا يجدون من يلجأون إليه في مثل هذه الحالات نظرا لضعفهم وصغر سنهم. وفي هذا السياق تقول حنان، البالغة من العمر الخامسة عشر، وهي واحدة ممن كن المستفيدات من الكفالة، أن الأب المتكفل بها انتهك عرضها بمجرد بلوغها، وصار يرضخها لنزواته مهددا إياها بالقتل في حال الرفض أو إفشاء سرها! نفس المأساة وجدناها لدى فتاة أخرى دخلت عالم الرذيلة، حيث أُجبرت على المتاجرة بجسدها بناء على طلب الأم الكافلة، التي اكتشف مؤخرا بأنها ليست أمها الحقيقية، حيث روت لنا هذه الأخيرة بحزن كيف أن والدتها كانت تدفع بها إلى الشارع ليلا من أجل استقطاب الزبائن، وفي حالة الرفض تعذبها وتحرمها من الطعام والشراب. وفي هذا الشأن، أفاد المحامي خبابة أن الإعتداء على الطفل القاصر من طرف الكافل الذي يتولى تربيته والإعتناء به يعتبر من الأفعال الجنائية الذي شدد فيها المشرع الجزائري العقوبة، وتصل مدتها إلى السجن لمدة خمس سنوات فما فوق، بالإضافة إلى غرامة مالية. وأضاف ذات المتحدث أن الإعتداء على المتكفل به لا يدخل ضمن خانة زنا المحارم بموجب العقد الذي يجمع الطرفين. كما أن العقوبة لها أثران، فوري ومستقبلي، فعلاوة على الحرمان من الكفالة مرة أخرى فإنه يُمنع من الإستفادة من الوظائف التي لها علاقة بالأطفال أوالفتيات لأنه شخص عديم الأمانة. من جهة أخرى، كشف الأستاذ خبابة أن بعض الجمعيات تطالب بتسجيل الأطفال المتكفل بهم في الدفتر العائلي ظنا منها أنها بذلك توفر لهم الحماية، غير أن بعض الحقوقيين أبدوا رفضهم للفكرة. وفي هذا السياق، عبر المحامي خبابة عن استيائه لمطالب هذه الجمعيات التي وصفها ب”العقلية الأوربية” المنافية تماما لديننا الحنيف ومبادئه، من منطلق الدفاع عن المشاكل التي تتخبط فيها الفئات المتكفل بهم، وأضاف قائلا: “إن بعض الجمعيات تناضل من أجل إيصال أصواتها لتلبية رغباتها ومطالبها متناسية بذلك مبادئ الشريعة الإسلامية”، مشيرا إلى أن مفهوم الكفالة هو التزام على وجه التبرع يتولى القيام بولد قاصر وتدبير شؤونه من إنفاق وتعليم وغيرها، ينظمها قانون الأسرة من المادة 116 وما بعدها، تتم عن طريق عقد بين الكافل والمكفول أمام الموثق أو المحكمة، مشيرا إلى أن قضية الكفالة لها شروط وقوانين يجب على الكافل احترامها.