قدمت التجربة الجزائرية في مجال التكفل بالأطفال المحرومين من الرعاية الوالدية على المستويين الحكومي والجمعوي خلال مجموعات العمل المنعقدة أمس بالقاهرة ضمن ورشة العمل العربية حول موضوع "وضع معايير عربية لرعاية الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية" التي ينظمها المجلس العربي للطفولة والتنمية بالتعاون مع الجامعة العربية· وفي هذا الشأن أشارت السيدة جعفر لامية إطار بوزارة التضامن الوطني في مجموعة العمل الخاصة بوضع معايير التكفل بهذه الشريحة من الأطفال من الناحية القانونية أن الجزائر اعتمدت أسلوب "الكفالة" كوسيلة "ملائمة" لحماية الأطفال المتخلى عنهم والمولودين في أغلب الأحيان عن علاقة خارج الزواج· وأضافت أن انتهاج الكفالة الذي هو عبارة عن "التزام على وجه التبرع للتكفل التام بقاصر من نفقة وتربية ورعاية بموجب عقد شرعي" نابع من حرص السلطات العمومية على توفير جو عائلي للطفل المكفول يضمن له الحنان والتربية والحفاظ على التوازن النفسي· كما ذكرت أن المشروع الجزائري شجع على التكفل بالأطفال فاقدي الرعاية الوالدية بالسماح بتغيير اسم المكفول ونص على "حق للشخص الذي كفل قانونا ولدا قاصرا مجهول النسب من الأب أن يتقدم بطلب تغيير اللقب باسم هذا الولد ولفائدته وذلك قصد مطابقة اسم المكفول مع اسم الكفيل مراعاة للحفاظ على توازنه النفسي" موضحة انه في حالة ما إذا كانت أم الولد القاصر معروفة "ينبغي أن ترفق موافقتها المقدمة في شكل عقد شرعي بالطلب"· وأشارت المتحدثة إلى أن الأطفال المتخلى عنهم خلال سنة 2007 بلغ 2883 طفل عبر مختلف ولايات الوطن استقبلت العائلات 1739 طفل عن طريق الكفالة بينما تكفلت العائلات الجزائرية المقيمة بالمهجر ب182 طفل في حين بلغ عدد الأطفال الذين تكفلت بهم الأم البيولوجية 564 طفل· وذكرت أن التشريع الوطني يمنح الجنسية الجزائرية للطفل المولود بالجزائر من أبوين مجهولين· وبخصوص هياكل استقبال الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية ذكرت السيدة جعفر انه يوجد 35 مؤسسة استقبال منها 22 مركز مخصص للفئة العمرية من (0 - 6 سنوات) تستقبل أطفال رضع متخلى عنهم بصفة مؤقتة أو نهائية بينما تستقبل المراكز الأخرى الفئة العمرية من 6 إلى 18 سنة وتسهر هذه المؤسسات على تقديم الرعاية التربوية والتعليمية والصحية لنزلائها· وتحدثت السيدة جعفر عن فئة أخرى من الأطفال الذين فقدوا أولياءهم جراء المأساة التي عرفتها الجزائر جراء الأعمال الإرهابية والتي خلفت الكثير من الضحايا من الأطفال· ويتم التكفل بهؤلاء على مستوى أربع مراكز جهوية تسهر على تقديم الرعاية والمتابعة النفسية لمعالجة الصدمات النفسية التي يعانون منها تحت إشراف أطباء ومختصين نفسانيين لإعادتهم في وقت لاحق إلى أحضان العائلة الموسعة· ومن جهته قدم السيد نور الدين بوعوينة من الجمعية الجزائرية للطفولة وعائلات الاستقبال المجاني تجربة الجمعية أمام المشاركين في مجموعة العمل العربية التي تدرس معايير التكفل بهذه الفئة من الأطفال من ناحية الوقاية والحماية· وأشار في هذا الصدد إلى أن الجمعية التي تنشط منذ سنة 1989 في هذا المجال تتولى بالتكفل بالأطفال المولودين خارج إطار الزواج وأولائك المتخلى عنهم في الشارع الذين يتم وضعهم بهياكلها بأمر قضائي· وتتولى الجمعية من خلال مركزيها المتواجدين في ولايتي الجزائر وتيبازة "التكفل المؤقت" بهؤلاء الأطفال في انتظار تسليمهم لإحدى العائلات الكافلة وفق قانون الكفالة بعد انقضاء مدة ثلاثة أشهر التي يمنحها القانون للام البيولوجية التي قد تتراجع خلالها عن قرار التخلي عن طفلها· وتقوم مربيات مختصات تتلقين تكوينا خاصا بالإشراف على هؤلاء الأطفال الذين تضعهم مصالح الحماية الاجتماعية في مركزي الجمعية بدور "الأم البديلة" في انتظار مغادرتهم المركز إلى عائلات الاستقبال· وكشف المسؤول عن استقبال الجمعية لحد الآن 1534 طفل تم وضع 1534 منهم في أسر الاستقبال بموجب قانون الكفالة بينما احتفظت الأمهات البيولوجيات ب376 طفل وتم تحويل 4 أطفال إلى مراكز أخرى وسجلت أربع وفيات· وتجدر الإشارة إلى أن ورشة العمل التي بدأت أشغالها أول أمس بالقاهرة تجري بمشاركة حوالي 50 مشاركا من 17 بلد عربي من جامعيين وباحثين ورجال دين وممثلي قطاعات حكومية ومجتمع مدني ينشطون في مجال الطفولة وحمايتها إلى جانب ممثلي منظمات إقليمية و دولية· و تعد هذه الورشة التي تعقد تنفيذا لتوصيات لجنة الطفولة العربية في اجتماعيها بدمشق والرياض تمهيدا أوليا للاتفاق على معايير تتلاءم والخصوصية العربية للأطفال فاقدي الرعاية الوالدية من الناحية القانونية والدينية والوقائية·