يعتبر مسرح قسنطينة الجهوي أحد أعرق المسارح الوطنية التي ذاع صيتها على الصعيد الوطني والدولي على حد سواء، نظرا لمسيرته الفنية الحافلة بالعديد من النجاحات المخلدة في سجله الذهبي، وذلك منذ نشأته، حيث أنجب العديد من الروائع المسرحية ذات القيم الفنية رفيعة المستوى، حازت في الكثير من المحافل على عدد معتبر من الجوائز التكريمية محليا وإقليميا وعلى خلاف الأعوام الأخيرة، شهد ركح مسرح قسنطينة، هذه السنة حركية جد نشيطة، حيث شمل تقديم باقة متنوعة من العروض المسرحية التي كانت آخر باكورة إنتاجاته. وحبا منا في تسليط الضوء على واقع وآفاق هذا الصرح الفني النابض كان ل”الفجر”، حوار مع المسؤول الأول على مسرح قسنطينة الجهوي، السيد عبد الحميد رمضاني.. هل يمكنك تعداد أهم النشاطات المسرحية التي تم إنتاجها من قبل مسرح قسنطينة الجهوي لهذه السنة بالتنسيق مع الجهات الوصية؟ شهدت هذه السنة ولادة مسرحيتين، الأولى للكبار من تأليف بوجادي علاوة، وإخراج محمد طيب دهيلي، تحت عنوان ”ليلة الليالي”. والثانية للصغار بعنوان ”السباق إلى الحرية” للكاتب التركي مان أركان. وأظن أن المسرحيتين بإمكانهما أن تعيدا لمسرح قسنطينة الجهوي أيام عزه. وفيما يخص التوزيع فقد قدم المسرح الجهوي لغاية اللحظة، ما يقارب 80 عرضا للكبار و50 عرضا للأطفال بمجموع 230 عرضا مسرحيا في السنة. ما هي أهم التظاهرات الثقافية التي احتضنها المسرح الجهوي خلال السنة الحالية؟ كان لمسرح قسنطينة الجهوي وافر الحظ هذه السنة، باحتضان جملة من التظاهرات الثقافية المميزة، منها الأيام المغاربية للمسرح المحترف وذلك بمشاركة المسارح الوطنية على غرار المسرح الوطني الجزائري، فضلا عن حضور عدة فرق مسرحية لإثراء هذه الأيام الفنية المحلية منها والإقليمية كقدوم فرقتين من تونس والمغرب الشقيقين. كما نظم مسرح قسنطينة هذه السنة عدة مهرجانات وطنية ودولية على غرار المهرجان الدولي للجاز والذي شارك فيه عدة فرق أجنبية. وقد تم أيضا تنظيم المهرجان الوطني للمالوف والإنشاد الذي اكتسى هذه السنة حلة دولية لقيت صدى كبيرا، فضلا عن احتضانه عدة عروض فنية أجنبية في إطار التبادل الثقافي بين الشعوب والحضارات. ما جديد إنتاج مسرح قسنطينة على المدى القريب؟ نحن بصدد التحضير لإنتاج مسرحية ”الأجواد” الشهيرة للراحل عبد القادر علولة، من إخراج بلهاشمي نور الدين، وذلك للمشاركة بها في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية. وقد قام مسرح قسنطينة بمناسبة العطلة الشتوية بوضع برنامج ثري خاص بالأطفال والذي كانت انطلاقته في 17 من الشهر الجاري، إلى غاية 23 منه حيث تم تقديم عرضين مسرحيين خلال اليوم الواحد بمشاركة عدة فرق جهوية على غرار باتنة، عنابة وسطيف، ناهيك عن الفرق المحلية لمدينة قسنطينة. كيف تقيمون نسبة التدفق الجماهيري على العروض المسرحية المقدمة لهذه السنة؟ شهد المسرح الجهوي لقسنطينة هذه السنة تدفقا جماهيريا واسعا وذلك من خلال الحضور الكثيف لمختلف شرائح المجتمع القسنطيني من عشاق الفن السابع لإشباع شغفهم به، غير أنه يمكنني القول أن فئة الشباب أخذت النصيب الأكبر من الحضور وهو الشيء الذي أدخل الغبطة في نفوسنا، لا سيما وأننا دوما نسعى لتعزيز علاقة الجيل الصاعد من الشباب بهذا المتنفس الفني ذي الأبعاد الترفيهية والثقافية التوعوية. ويمكننا القول إن السنوات الخمس القادمة ستكون نقلة نوعية للمسرح الجهوي الذي يصبو لوضع لمسات مميزة في سجله تعزز مسيرته الفنية الذهبية؛ حيث المساعي قائمة لرفع نسبة الإنتاج والتوزيع، بفضل الدعم المقدم من قبل الدولة لإعادة الاعتبار لهذا الصرح الفني الذي عرف ركودا رهيبا خلال السنوات العشر الماضية نتيجة الظروف الصعبة التي عايشناها جميعا. ما هو تقييمكم لواقع المسرح الجزائري حاليا؟ منذ السنوات القليلة الماضية بدأ لمعان وتوهج أبو الفنون يبرز بشكل أوضح للعيان؛ حيث خطى المسرح الوطني خطوات جادة ومهمة، سواء كان ذلك من ناحية الإنتاج أو التوزيع وذلك من خلال ارتفاع عدد المشاركات الوطنية في المهرجانات الدولية ما يدل على بلوغ المسرح الجزائري درجات جد رفيعة على الساحة الوطنية والعالمية. حسب نظرتكم الخاصة ما هي الطرق الناجعة لترقية وتطوير المسرح الجزائري؟ حسب رأيي، يجب العمل على تكوين أجيال جديدة في هذا المجال الفني الوثيق الصلة بمختلف فئات المجتمع لنتمكّن بذلك من الاستمرارية بخطى ثابتة تزيد مشعل أبو الفنون توهجا، وذلك طبعا بمجابهة رياح التغيير والعصرنة التي يجب التماشي معها؛ فنحن حاليا بصدد تكوين عدد لا بأس به من الشباب على مستوى عدة أصعدة سواء كان ذلك على مستوى الأداء أو الإخراج وكذا السينوغرافيا وهي عبارة عن تربصات مفتوحة أمام كل شاب راغب في الانخراط في هذا المسار الفني النبيل الذي يحمل عدة قيم إنسانية.