تنامت معاناة سكان قرية سيدي بلقاسم ببلدية القصدير، في ولاية النعامة، بسبب غياب مختلف مرافق العيش والاستقرار. ويذكر السكان أنهم لم يستفيدوا من أي برامج تنموية، الأمر الذي جعلهم يكابدون شقاوة الحياة ومرارة الوضع، حيث تحولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق. وتصنف هذه القرية من بين المناطق المنسية والمغيبة من التنمية، ما يجعل حياة سكانها بدائية.. ففي جولة استطلاعية ل”الفجر” إلى هذه القرية لمعاينة حجم المعاناة التي يتخبطون فيها، صادفنا أحد السكان الذي ضاقت بهم الحياة أمام جملة المشاكل التي حولت حياتهم إلى البؤس والشقاء، حيث أكد محدثنا أنها أضافت لهم التعب والشؤم جراء غياب التهيئة والمشاريع التنموية التي من شأنها رفع الغبن وفك العزلة عنهم. فالمتجول بهذه القرية، وخصوصا بأحيائها الداخلية، أول ما يشد انتباهه، هي الوضعية التي تعرفها مختلف المسالك أين يجد صعوبة في السير خصوصا في فصل الشتاء، إذ تتحول إلى وديان ومستنقعات لا تجف إلا بعد مرور أيام أو أسابيع. وما يعرقل حركة السير انعدام طريق يؤدي مباشرة إلى عاصمة البلدية التي تبعد عن القرية بأكثر من 100 كلم عن طريق المرور بقرية عبد المولى، ما جعل المنطقة بمعزل عن مقر البلدية، باستثناء طريق واحد يربطها ببلدية العريشة التابعة إداريا إلى ولاية تلمسان، والتي تنعدم بها وسائل النقل. ودفعت الوضعية العديد من التلاميذ إلى التوقف عن الدراسة، خوفا مما يتعرضون له من مخاطر باتجاه مدرسة بالعريشة، ناهيك عن مشكل الكهرباء المنزلية والإنارة العمومية الذي أثر سلبا على السكان الذين أصبحوا يلازمون منازلهم مع أول وهلة للظلام، خوفا من المخاطر التي يتعرضون لها من طرف عصابات الأشرار، بحكم أن القرية تقع بمحاذاة الطريق الرابط بين النعامة وولاية تلمسان. ولا يجد سكان القرية أي مبرر للسلطات العمومية التي تأخرت في مشروع استفادة المنطقة بربط منازلهم بالكهرباء، فهم ينتظرونها منذ 2005، ما حرمهم من متابعة البرامج التلفزيونية واعتمادهم فقط على الوسائل البدائية كالشموع، إضافة إلى انعدام غاز المدينة، الذي يعد من أهم ضروريات العيش الكريم، مع العلم أن المنطقة تعرف ببرودتها القاسية في موسم الشتاء، حيث سئموا من رحلاتهم اليومية في البحث عن قارورات غاز البوتان التي تعرف نقصا فادحا بسبب التذبذب في التوزيع. ولا يجد السكان بديلا آخر سوى اللجوء إلى وسائل التدفئة التقليدية التي كثيرا ما تعرضهم لأخطار الحرائق. كما أن معاناتهم لا تتوقف عند هذا الحد بل تتعدى إلى مشكل قنوات صرف المياه القذرة. وعبر السكان في هذا السياق عن تذمرهم الشديد من غياب تلك القنوات، والتي أجبرتهم على إنجاز المجاري المائية بطرق بدائية وعشوائية لصرف المياه القذرة، مطالبين بتدخل السلطات المحلية من أجل وضع حد للوضعية التي أدت إلى انتشار الأمراض المزمنة والحساسية التي تزداد خطورتها يوما بعد يوم، ناهيك عن الروائح المنبعثة منها وانتشار الحشرات الضارة. من جهة أخرى فإن شبان المنطقة يشكون من انعدام فرص العمل، التي جعلت من البطالة شبحا يلازمهم رغم طلبات التشغيل المودعة بمصلحة الشؤون الاجتماعية ببلدية القصدير. وفي ظل انتشار الفقر وغياب مناصب العمل، اتسعت رقعة الآفات الاجتماعية والسرقة، على حد قول السكان. وما ساهم في تنامي هذه الظواهر هو غياب مختلف المرافق الرياضية والترفيهية التي من شأنها القضاء على الفراغ، خاصة أن أغلبهم يقضون أوقاتهم في الجلوس على حواف الطرقات، حيث يأمل شبان المنطقة أن تتدخل السلطات المعنية لتمكينهم من استصلاح الأراضي الفلاحية، لاسيما أن المنطقة تتوفر على منسوب كبير من المياه.