نعم الخوف على ثورة الحرية في تونس من الالتفاف عليها من طرف "الطلقاء" خوف مشروع.. لأن نفحة "خياركم في الديكتاتورية خياركم في الديمقراطية" أصبحت تتردد في تونس على طريقة "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام".. والتي أتت بأبي سفيان عميد الطلقاء والذي أنجب معاوية مؤسسة الخلافة الملكية في الإسلام ومنهي الخلافة الراشدة. الخوف على ثورة الحرية في تونس من طلقاء النظام المنهار خوف مشروع خاصة حين نسمع بأن الثورة ليس لها قيادة ولا تملك بدائل لما هو قائم من الطلقاء.. ولذلك من الأفضل أن يخضع الثائرون إلى بقايا النظام من الطلقاء للوصول بتونس إلى بر الأمان. قد يكون هذا الرأي صحيحا في مرحلة ما، لكنه على المدى البعيد يمكن أن يحول ثورة الحرية إلى ثورة مثل ثورة الخبز التي حدثت في عهد المرحوم بورقيبة. وقد يحدث لثورة الحرية في تونس ما حدث لانتفاضة 5 أكتوبر في الجزائر إذا عالج الثائرون في تونس وضعهم بنفس الطريقة التي عالجت بها الجزائر أحداث 5 أكتوبر. ولا أعتقد أن هذا سيحدث في تونس.. لأن هذا البلد يتمتع بوجود طبقة متوسطة كبيرة وواعية وشبه منظمة ومتعلمة أحسن تعليم.. وهي التي تشكل الحصن المنيع من حدوث أي انزلاق نحو إفراغ ما حدث من محتواه السياسي الحقيقي مرة أخرى. جيش تونس جيش مؤسساتي يعرف حدوده الدستورية.. ولعله أحسن جيش في الوطن العربي بعد جيش لبنان في علاقته الصحيحة بالسياسة. والحركة الإسلامية التونسية هي أيضا حركة واعية.. بل لعلها أحسن الحركات الإسلامية وعيا في الوطن العربي بحقيقة وطبيعة المرحلة التي يتعين على تونس أن تجتازها.. ولهذا ستكون مشاركة الحركة الإسلامية التونسية في المرحلة القادمة مشاركة نوعية واعية بحقائق المرحلة.. وستكون هذه الحركة في تعاملها مع العهد الجديد في تونس شبيهة بالحركة الإسلامية في تركيا في عهد أربكان وأردوغان.. ولن تشاهد تونس من الحركة الإسلامية ما شاهدته الجزائر من هذه الحركة! هذا ما ننتظره من تونس بعد أن تهدأ العاصفة ويعكف التوانسة على بناء مؤسسات جديدة للدولة تكون بالفعل النموذج للجيران وللعرب عموما!