اعتبر صندوق النقد الدولي “الأفامي”، أن الأزمات وموجات العنف وتصعيدات “الشغب وحرق النفس” التي انفجرت في شوارع عدد من البلدان العربية، منها الجزائر، سببها تنامي البطالة في أوساط الشبان، بنسب تتراوح بين 15 إلى 25 بالمائة، وتهميش الكفاءات التي خلفت فشلا اقتصاديا وتبعية للخارج عمر 75 بالمائة من الجزائريين لا يتجاوز 30 سنة و20 بالمائة بطّالون تقرير الأفامي يؤكد ما قاله الخبير بوزيدي ل”الفجر” حول الشباب تطرقت “الفجر”، في عدد سابق، إلى موضوع الشغب وانعكاساته الاقتصادية، مع الخبير عبدالمجيد بوزيدي، الذي طالب بضرورة إشراك الشباب في بناء استراتيجية الجزائر، مثلما بنى شباب الثورة جزائر الاستقلال. ولقد شهدت تونس الانعكاسات السلبية لعدم الاهتمام بفئة الشباب، وحمّلها تقرير صندوق النقد الدولي اليوم، مؤكدا أن فشل معظم مخططات التنمية التي تبرمجها الجزائر وبلدان عربية أخرى ضمن سياساتها الاقتصادية، مردها إلى التهميش الذي تتعرض له كفاءات داخلية، يضطرها الواقع للهجرة إلى أوروبا وجهات أخرى من العالم، ممن تتوفر على ظروف العمل النشط. ويطرح التقرير عدة تساؤلات حول تأخر العرب في معالجة مسألة البطالة المتفشية بقوة في أوساط الشباب، حيث قدّرها عند الجزائر بنحو 20 بالمائة، وقدّر فئة الشباب دون سن ال 30 بنسبة 75 بالمائة من إجمالي سكان الجزائر، الأمر الذي يتطلب “وقفة” اقتصادية “متميزة” تستجيب لمطالب هؤلاء، لأنهم الأغلبية الاجتماعية، وتهميشهم يعني تهميش اقتصاد الدولة، بما أنهم ركيزة البناء، وذلك ما لم يجده صندوق “الأفامي” لدى الجزائر والعرب، لأنها- يضيف التقرير - بلدان تعتمد البترول في صادراتها، وتهتم بالاستثمار الأجنبي المباشر واستيراد طاقات إنجاز مخططاتها من الخارج، دون إيلاء الأهمية لأبنائها. تهميش الكفاءات وراء “الحرڤة” وتؤكد هذه السياسة المتبعة، خضوع العرب للتبعية الأجنبية، ودفعهم لقاء ذلك الفاتورة غاليا من الناحية الغذائية والصناعية، خصوصا أن معظم الشركات الأجنبية المقيمة لاستثماراتها بالجزائر وبعض الدول العربية، تنشط في المجال التجاري دون توطين الانتاج. ويطلب صندوق “الأفامي” من هذه الدول أخذ العبرة من أزمة تونس، وانفلات الأوضاع فيها، ما اضطر الرئيس، زين العابدين بن علي، للفرار بجلده من غضب شعبه. ولا يزال “الأفامي” يربط ما حدث في تونس بأزمة البطالة، والتي قدّرها ب 14 بالمائة، ومعاناة أخرى تلاحق البطالين في يومياتهم، ما يدفعهم للحرڤة إلى أوروبا، مثلما يحدث في الجزائر، ولقد حذّر في تقارير سابقة من انعكاسات سلبية لهذه الظاهرة. والأغرب من ذلك، يذكر تقرير “الأفامي” أن تهميش الشباب هو السبب الرئيسي في دفع فاتورة الاستيراد غاليا، حيث ينزح هؤلاء الشبان بكفاءاتهم إلى أوروبا، لبناء مستقبلهم وسط ظروف ملائمة، وتبيع أوروبا كفاءاتهم فيما بعد، في شكل تكنولوجيات متطورة لبلدانهم الأصلية بأثمان جد مضاعفة على ما يتقاضونه، وبالتالي فالعرب يستوردون التكنولوجيات من أبنائهم بالمهجر باسم أوروبا. ومن واشنطن، أعلن المتحدث باسم صندوق الأفامي، ديفيد هاولاي، نهاية الأسبوع المنصرم، أنه من واجب الجزائر والمغرب وتونس امتصاص البطالة، لأنها ترتفع سنويا، لاسيما أن الشباب يمثلون الأغلبية الساحقة في المجتمع، تجنبا لتراكم الضغوطات الاقتصادية بالمنطقة، وتجنبا لانفجارات الشوارع، خصوصا أن منطقة المغرب العربي تضم كفاءات علمية وهوايات فنية نادرة في مختلف الميادين، باعتراف قارات العالم كلها. وتتهافت الدول الصناعية على هذه الكفاءات للاستفادة منها، وتتهافت أيضا على هذه الدول للاستثمار فيها ضمن نشاط تجاري موسع، يسمح لها بتصدير منتجاتها نحو إفريقيا وبلدان المشرق العربي، لاسيما أن هذه البلدان تتمتع بموقع استراتيجي، وتلتزم باتفاقياتها ونزاهة التعاملات، ولو في وقت الشدة، مثلما يحدث مع تونس، وذلك ما لن تجده الشركات الأجنبية في باقي بلدان إفريقيا، التي تشهد حالة اللاإستقرار، وهي المزايا التي لم توظفها البلدان المغاربية للخروج من مأزق التبعية وخلق نشاط اقتصادي جهوي موحد، قادر على مواجهة كل التقلبات واحتمالات السوق الدولية، وكذا مواجهة ضغوطات صندوق الأفامي المنضوية تحت مساعداته التقنية والمالية للبلدان المتأزمة.