بعد مرور أكثر من سنتين على فرار رجل الأعمال الفلسطيني، سعيد المصالحة، بشكل مفاجئ من عنابة، تاركا زوجته الجزائرية وحوالي 100 عامل كانوا يسترزقون من شركة الحديد التي يملكها، أمام مصير مجهول، لاتزال مصالح العدالة بعنابة عاجزة لحد الآن عن إلقاء القبض عليه بعد تمكنه سنة 2008 من الخروج سرا من التراب الجزائري، رغم إصدار أمر دولي عن طريق الانتربول لتوقيفه. حتى وإن أكدت مصالح العدالة والجهات الأمنية المختصة أن توقيفه وترحيله إلى الجزائر لمحاكمته، هي مسألة وقت لا غير، إلا أن التركة الضخمة من الديون التي ترك عليها شركة الحديد وخروج عشرات العمال دوريا إلى الشارع لمطالبة السلطات العمومية بإيجاد حل لوضعية البطالة التي يعيشونها بعد فراره، جعلت سعيد المصالحة، ورغم غيابه، يصنع الحدث يوميا بعنابة، لدرجة أن اسمه تحول إلى كابوس مزعج للسلطات المحلية والقضائية بالولاية. هذا الرجل الذي يتكلم عدة لغات أجنبية منها التركية واليونانية، حسب تأكيد كل من عرفوه، تمكن في ظرف قصير من تواجده بعنابة، أين أسس شركة للتجارة في نفايات الحديد، من تنظيم أكبر عملية احتيال عرفتها المنطقة، ليختفي في أحد أيام من سنة 2008، تاركا وراءه عشرات الضحايا وديون ومستحقات جبائية فاقت 350 مليار سنتيم، الأمر الذي اضطر الجهات القضائية إلى الحجز على جميع ممتلكاته وبيعها في المزاد العلني. وزيادة على تخليه عن زوجته الجزائرية وعمال شركته، لايزال العشرات من شركائه السابقين ينتظرون أمل القبض عليه، بعد صدور مذكرة توقيف دولية ضده، للتمكن من استرجاع ولو جزء من أموالهم التي سلموها له بنية الاستثمار، إلا أن رجل الأعمال الفلسطيني استولى عليها واختفى، دون سابق إشعار، ما دفع بالعشرات من التجار ورجال الأعمال، من عنابةوالجزائر العاصمة، إلى رفع شكاوى ضده لدى مصالح العدالة ، بتهمة الغش والنصب والاحتيال. وبعد مرور أكثر من سنتين على اختفائه من عنابة، أين كان يدير مصنعا لمعالجة وتجميع النفايات الحديدية، وفراره باتجاه المغرب ثم إلى الأردن، حسب آخر المعلومات الأمنية بخصوصه، لاتزال عشرات الملفات القضائية التي أودعت ضده من طرف العديد من الهيئات العمومية، من مديرية الضرائب والمنافسة وقمع الغش والجمارك، عالقة في محاكم العاصمة وعنابة تنتظر البت فيها، في غياب سعيد المصالحة، الذي تمكن في ظرف ثلاث سنوات من دخوله عالم الأعمال وتجارة الحديد والنفايات الحديدية، من جمع ثروة قدرت بحوالي 200 مليون دولار، منها قرابة 200 مليار سنتيم استولى عليها من رجال أعمال وتجار، سلموها له للاستثمار إلا أنهم لم يسترجعوها أبدا. وحسب أحد الضحايا “خ. ل” وهو رجل أعمال من قسنطينة، فقد كان سعيد المصالحة يتصرف كمستثمر جاد في البداية، حيث يتسلم الأموال من جميع من كان يرغب في الاستثمار في عمليات تصدير واستيراد المواد الحديدية، ويعد الجميع بأرباح تقدر بعشرة بالمائة عن المبلغ المدفوع، مقابل شيكات محررة باسمه، ووصولات استلام، الأمر الذي كان يوحي بثقة كبيرة، ويجعل الجميع مرتاحا في تعاملاتهم معه إلى غاية اختفائه، تاركا وراءه شيكات بعشرات الملايير بدون رصيد وضحايا بالعشرات، أغلبهم أفلسوا وفقدوا كل أموالهم، التي هربت، حسب ذات المتحدث، على دفعات خارج الوطن، بعد أن تم تبديلها في السوق الموازية للعملة الأجنبية.