البطالة .. لا للتهميش، تحيا الحرڤة.. هي عبارات لاحظناها مدونة على جدران العديد من الأحياء وفي مختلف شوارع المدن الجزائرية، وهي الظاهرة التي تعرف تزايدا مستمرا إلى درجة أنها أصبحت منتشرة في كل مكان وهو ما دفع جريدة “الفجر“ إلى تسليط الضوء عليها والبحث في أسبابها وتداعياتها كثيرا ما تجد هذه العبارات في جدران الشوارع والمؤسسات العمومية وفي أماكن مختلفة، لكن الملفت للانتباه أن هذه السلوكات قد تجدها في أماكن جد خاصة وأماكن من المفروض أن لا تصلها هذه الظواهر التي تعتبر في الغالب سلوكا ينتهجه شباب طائش. البطالة، الحرڤة.. المعيشة مرّة.. وغيرها، هذه العبارات هي الأكثر انتشارا في شوارع مختلف الولايات على مستوى الوطن والتي يعمد إلى كتابتها شباب طائش في معظم الأحيان والتي تكون في الغالب من أجل التعبير عن واقع معيشي والتعبير عن مجموعة من المشاكل التي قد لا يجد الفرد الفضاء المناسب للتعبير عنها في الحياة العادية، وهو ما يجعله يتخذ من هذه الأماكن فضاءات للتعبير عن أمور مكبوتة سواء اجتماعية أو عاطفية. مختصون اجتماعيون يعتبرونها أسالبيب للتعبير عن المكبوتات وفي هذا السياق تقربنا من مجموعة من الأساتذة لتحليل الوضع، حيث أكد الأستاذ عيسات العمري، أستاذ بقسم علم الاجتماع بجامعة سطيف، أن الظاهرة هي واحدة من الأساليب التعبيرية التي يلجأ إليها المواطن الشاب بصفة خاصة في ظل ضيق الفضاءات التعبيرية الأخرى، موضحا بأن هذه السلوكات التعبيرية التي يلجأ إليها الشباب بصفة خاصة هي نوع تعبيري للتخلص من مجموعة من المواضيع التي يرى بأنه محروم من حقه في التعبير عنها في الواقع والتي كثيرا ما تكون من مواضيع الطابوهات أو المواضيع المنبوذة اجتماعيا. كما أكد الأستاذ حسين عقون في ذات السياق بأن هذه السلوكات عبارة عن طرق تعبيرية بحتة يلجأ الفرد إلى التعبير بها عن المواضيع بطريقته الخاصة مثلها مثل طريقة اللباس وتسريحة الشعر وما إلى ذلك، مضيفا بأن التعبير على الجدران شكل من الأشكال التعبيرية التي لا تختلف عن التعبير بالوشم التي كانت أكثر انتشارا في مراحل سابقة. أرقام هواتف تدوّن في أبواب المراحيض ولعل الملفت للانتباه في الموضوع أن هذه الكتابات قد تكون في أي مكان وفي أماكن لا يمكن تصورها، حيث انتشرت بقوة ظاهرة تدوين أرقام الهواتف على أبواب المراحيض، كما أن الكثير ممن استجوبناهم في الموضوع أكدوا بأن هذه الأرقام في الغالب لا تكتب من طرف أصحابها إنما تكتب بغرض الانتقام فحسب، في الوقت الذي قال فيه البعض إن أصحابها يدونونها بغرض البحث عن زبون ومن الجنسين. أبواب وطاولات المؤسسات العمومية أكثر المتضررين إن المتتبع لانتشار هذه الظاهرة يلمح وببساطة بأن هذه الأخيرة تكثر في المؤسسات العمومية والإدارات والتي في الغالب ما تكون مدونة في طاولات وكراسي الانتظار بالإضافة إلى الأبواب وكل مكان يمكن أن يستغله هذا الفرد لتدوين فكرة أو معلومة أو رقم هاتف. ولعل ما لفت انتباهنا تلك العبارات المدونة في طاولة انتظار الخاصة بالمحامين، هذه الأخيرة التي كانت مملوءة بعبارات ورسومات ولعل الشيء نفسه يوجد بغرفة المداولات.