“قل لي أين كنت ما بين 25 يناير و11 فبراير أقل لك من أنت” أعتقد أن هذه هي العبارة التي ستحكم يوميات وحوارات وحدّوثات المصريين في الأيّام؛ بل في السنوات القادمة. وأكاد أجزم أن تاريخ 25 جانفي / يناير قد سحب البساط بالفعل من تحت أسطورة تاريخ 23 جويلية / يوليو، أو ما يعرف بثورة يوليو، التي انقلب فيها الضباط الأحرار على الحكم الملكي سنة 1952. صار للمصريين إذن؛ يوم جديد يفتخرون به.. يوم يجُبّ ما قبله من أيّام أكل منها نظام حسني مبارك البائد، ما يقارب الثلاثين سنة نهشها من لحم المصريين. ولعلّ التقرير الذي صدر أمس، عن مركز سلامة للنظام المالي العالمي الأمريكي، خير دليل على ذلك، حيث كشف التقرير أن فساد النظام المصري؛ يكبّد مصر حوالي 6 مليارات دولار سنويا، أو ما يقدر ب 57.2 مليار دولار خلال الفترة بين عامي 2000 إلى 2008. هذا دون العودة إلى أرقام ثورة آل مبارك المقدّرة حسب تسريبات أخيرة بأكثر من 70 مليار دولار. هذه الأرقام الخيالية المبنيّة على باطل، مسحت اليوم ب”أستيكة”، كما تقول اللهجة المصرية. مُسحت برقم يوم 25 من شهر 01 من سنة 2011، بأيادي شباب شرفاء مسحت أيضا ما ترسّب من عتاب جزائريّ على مصر، كان سببه الأول نظام مبارك وزبانيته، وأولئك المنافقين الذين أرادوا أن يُركبوا ابن الريّس، على أكتاف المصريين بسلّم المونديال، وببردعة الفتنة ضد الجزائريين.. أولئك المرتزقة الذين يحومون اليوم أيضا حول ثورة شرفاء مصر، كالغربان التي تنتظر فرصة الانقضاض على مكاسب الآخرين.. ها هم اليوم يخرجون من وأوكارهم بعد سقوط سيّدهم، للبحث عن لقمة ثورة هاجموها في بدايتها وأرادوا وأدها قبل أن تثبت لهم الإرادة الشابّة ما قاله الشابّي يوما حول استجابة القدر لإرادة الشعب.. “أين كنت بين 25 يناير و11 فبراير 2011 ؟” هو السؤال الذي لابدّ على المصريين أن يدخلوه في شروط التوظيف ومنح قروض البنوك ودعم الاستثمارات وفي شروط الترشّح لأيّ منصب في بلد يقف اليوم في منعرج تاريخي هام.. اسمه مصر.