لم يكن الممثل التونسي ناجي ناجح يتصور أنه سيكون همزة وصل أخرى بين تونسوالجزائر بالعمل السينمائي المشترك "شامة النخيل الجريح"، الذي استطاع من خلاله أن يكتب فصولا جديدة في التاريخ المشترك بين البلدين ويضع اللبنة الأولى لتعاون محتمل بين سينما الجارتين. ناجي ناجح تحدث ل"الفجر" عن اعتزازه بتجربته في الفيلم، وتكلم بصراحة عن واقع السينما المغاربية وآفاقها تعد هذه التجربة الأولى لك في عالم التمثيل، والتي تقف فيها وجها لوجه مع باقة من الممثلين الجزائريين، كيف كانت هذه التجربة بالنسبة لك؟ أعتبرها من أهم التجارب التي خضتها في حياتي الفنية، خاصة وأنها كانت ثمرة تعاون سينمائي قيّم بين السينما التونسية والسينما الجزائرية. شخصياً كنت جدّ مسرور بهذا التعاون الذي سمح لي بالتعرف على وجوه فنية كبيرة من الجزائر، مثل حسان كشاش، عايدة كشود، ريم تاكوشت وغيرهم من الممثلين الجزائريين الذين شاركوا في هذا العمل السينمائي الجديد الذي جاء ليعيد للسينما المغاربية بريقها الذي انطفأ وسط غياب وانعدام سبل التعاون فيما بيننا في المجال الثقافي، شأننا شأن مختلف المجالات الأخرى التي توجد فيها أي معالم للتعاون المشترك بين بلدان المغرب العربي الذي ننتمي إليه. نعود إلى دورك في فيلم "شامة النخيل الجريح"، الذي مثلت فيه دور المناضل المزيف الهاشمي عباس، هذا الأخير حاول أنّ يكتب تاريخ نضال الشعب التونسي بنوع من التزييف لحقائق تاريخية، من أجل أن يصنع من نفسه بطلاً فيما يعد في الحقيقة مجرد خائن للثورة والثوّار كما شاهدناه في أحداث الفيلم.. برأيك كم يوجد من أمثال الهاشمي عباس في عالمنا العربي؟ أنا على يقين تام بأنّ في كل حرب ضحايا وبالتأكيد الضحايا الحقيقيون هم الذين رحلوا.. فيما حاول من بقيّ حيًّا من تلك الثورات أن يجعل من نفسه بطلا حقيقيا على حساب دم هؤلاء الشهداء.. الفيلم هذا أو غيره من الأفلام التي تناولت قضايا ثورية كحرب الجزائر أو حرب تونس هي أفلام روائية تاريخية وثائقية، نحاول من خلالها أن نسلّط الضوء على مثل هذه القضايا الحسّاسة التي يصعب الحديث عنها في بلداننا العربية، لأنّ التاريخ يعدّ خطا أحمر ممنوع تجاوزه أو حتى التفكير في تجاوزه..شئنا أم أبينا هذه حقيقة أثبتتها عدة معطيات لا يسعني المكان لذكرها الآن. كيف يرى الممثل ناجي هذا التعاون الذي جاء متأخراً كثيراً بين السينمائيين الذين ينتمون إلى المغرب العربي؟ هذا التعاون هو اجتهاد أشخاص، أرادوا أن يتركوا بصمة للأجيال القادمة تؤكد لهم مدى العلاقة القوية التي تربط بين تونسوالجزائر. لعلّ إنتاج فيلم سينمائي مشترك بيننا يعد الشيء القليل ولكنه تجربة مهمة..تجربة قادرة على دفع سبل التعاون المشترك الذي يجمع بين الجزائروتونس على الأقل في المجال الثقافي ما دمنا لازلنا عاجزين على تجسيد سبل أخرى للتعاون بيننا.. الذي من المفروض أن يكون في كل الميادين وليس في الميدان الثقافي فقط. كيف ترى واقع السينما في بلدان المغرب العربي اليوم؟ والله ليست لدي فكرة واسعة عن طبيعة الأعمال السينمائية المنتجة في بلدان المغرب العربي، لكني على اطلاع قليل على ما تنتجه السينما التونسية وخاصة في السنوات الأخيرة، وهذا بحكم أني أعيش منذ سنوات طويلة في أوروبا وبالتحديد في بريطانيا..تقريبا منذ 14 سنة، وأنا أرى بأنّ الوقت لا يزال مبكراً حتى نقول بأننا نمتلك سينما.. لأننا حقيقة لازلنا بعيدين عن هذا جداً وبالنظر إلى ما تقدمه السينما الغربية نحن بعيدين جداً..أعتقد بأننا لازلنا لا نمتلك إنتاجات سينمائية قوية في بلداننا العربية، وكل ما قدّم لحدّ الآن وحقّق نوعا من التميز يعدّ تجارب فردية محتشمة جداً.. على المعنيين بهذا القطاع الأخذ بيد هؤلاء من أجل ضمان مستقبل جيد للجيل القادم من المبدعين الشباب سواء كانوا ممثلين أو مخرجين أو كتّاب سيناريو. بحكم اطلاعك على ما تنتجه السينما الغربية، هل لك أن تخبرنا عن أسباب غياب الأعمال السينمائية الحقيقية عن بلداننا العربية لحدّ الآن؟ للأسف، لا زال الدعم المالي الموجه للقطاع السينمائي في بلداننا العربية عامة وبلدان المغرب العربي خصوصا يقف حاجزا أمام طموحاتنا في أن تكون لدينا سينما قادرة على منافسة أقوى الأعمال السينمائية العالمية، فمثلا هذا الفيلم الذي كنا نشاهده منذ لحظات كان قد حدثني عنه المخرج والسيناريست عبد اللطيف بن عمار منذ ما يزيد عن 10 سنوات، فيما شرع في تصوير أحداثه منذ سنة فقط.. هذا يعني أننا انتظرنا 10 سنوات كاملة، كي نجد الدعم الخاص بإنتاج هذا الفيلم ولولا أن وزارة الثقافة الجزائرية ووزارة الثقافة التونسية والتلفزيون التونسي قدما دعمهما اللازم لهذا العمل لما تواجدنا الآن في هذا المحفل الثقافي الكبير، وهذا اليوم الذي يشهد ميلاد آخر للتعاون السينمائي بين تونسوالجزائر. أليس كثيراً أنّ ننتظر ما يزيد عن 12 سنة لنرى فيلما سينمائيا واحدا في المغرب العربي، فيما تنتج السينما الغربية في اليوم الواحد عشرات الأعمال السينمائية الضخمة!؟ ماذا تعني لك كتونسي أحداث هذا الفيلم؟ لطالما اعتبرت أن الجزائر هي تونس وتونس هي الجزائر...لأننا نتشابه في كل شيء ولدينا العديد من الروابط التي تجمع بيننا كدولتين شقيقتين في النضال والتاريخ المشترك، وما شاهدناه في الفيلم من دعم الإخوة الجزائريين للثورة التونسية وبالتحديد في حرب بنزرت هو قليل..مقارنة بما قدمه الجزائريون لنا وكذلك لو بحثت في الذاكرة الثورية الجزائرية لوجدت نفس الشيء.. التونسيون قدموا كل دعمهم للثورة التحريرية الجزائرية ونفس الشيء قدمه لنا الجزائريون..ولا سمح الله وحدث مكروه لأي منا لأصبحنا كالجسد الواحد..وهذا ليس مجرد كلام..بل هو حقيقة أقولها من منطلق معرفتي بعقلية الجزائريين وعقلية التونسيين. هل يمكننا أن نقول اليوم بعد هذا التعاون، إنّ هناك إصرارا من قبل المنتجين والمخرجين التونسيينوالجزائريين على النهوض بهذا القطاع؟ لا تنسي بأنّ هذا الفيلم هو اجتهاد فردي سواء كان بمبادرة من تونس أو من الجزائر. والمبادرات الفردية عادة ما يصعب تجسيدها على أرض الواقع. نحن بحاجة إلى ما هو أكثر من مجرد مبادرات فردية تكلفنا ما يزيد عن 12 سنة لنرى تلك الأفكار التي كتبت على الورق قد تحققت، نحن بحاجة إلى أنّ نغير نظرتنا اتجاه السينما ومفهوم السينما، فنحن في بلداننا العربية يكاد الهوس السينمائي وهوس الإنتاج السينمائي يكون منعدما وغائبا كليا عنا. لكني متفائل جداً..وأعتقد بأنّ فيلم "شامة النخيل الجريح"، سيكون نقطة تحول إيجابية في مسار التعاون السينمائي بين السينمائيين الجزائريين ونظرائهم التونسيين. ما هو جديد الممثل والمسرحي ناجي ناجح بعد "شامة النخيل الجريح"؟ أنا أشتغل في الفترة الحالية على مسرحية جديدة، هي من إنتاج المسرح البريطاني وستكون حاضرة للعرض خلال الفترة القادمة إن شاء الله...هذا ما ينتظرني وأنتظره في الوقت الحالي. بالإضافة إلى هذا، فأنا أنتظر بفارغ الصبر دعوة من الجزائر لحضور العرض الشرفي الأول للفيلم بالجزائر، وستكون فرصة جميلة لي للقاء الجمهور الجزائري.