قدم الراهب الفرنسي، جون بيار شومشير، آخر الناجين من رهبان تيبحيرين، شهادته عن حقيقة ما حدث في دير تيبحيرين بولاية المدية، يوم 26 مارس 1996، وأكد أن الرهبان السبعة اختطفوا من طرف عناصر الجماعة الإسلامية المسلحة روى، أمس، الراهب جون بيار شومشير، في حوار لصحيفة “لو بروغريه” الفرنسية، حقيقة ما حدث في دير تيبحيرين بالمدية، عشية الذكرى ال15 لمقتل الرهبان، من باب واجب التعريف بالقصة ووفاء لذكرى أصدقائه السبعة، الذين قال عنهم، إنهم قبلوا المخاطرة في سبيل أداء واجبهم، وقال الراهب إنه في ليلة 26 مارس 1996، وفي حدود الساعة الواحدة صباحا، استيقظ وأصدقاؤه الرهبان على وقع أصوات من الخارج، ظن لوهلة أنها لمن كانوا يسمونهم ب”إخوة الجبل”، قدموا بحثا عن دواء أو لرؤية الطبيب، وأضاف أنه انتظر أن يدق القادمون الباب حتى يخرج إليهم “لكنهم بقوا في الحديقة يتحدثون”، وهو ما اعتبره الراهب أمرا غير طبيعي. ونقلا عن نفس المصدر، قال الراهب إنه شاهد من النافذة شخصا يحمل مسدسا رشاشا “كلاشينكوف” ويضع عمامة على رأسه، متوجها نحو أولئك الذين كانوا يتحدثون أمام بوابة الدير، وبعدها إلى مضجع الراهب لوك (الطبيب)، وهو ما فسره الشاهد على أنه رغبة من الشخص في التوجه إلى الطبيب مباشرة لطلب خدمة. وأضاف الراهب جون بيار شومشير أنه لم يكن خائفا ولكنه لم يكن أيضا مطمئنا، وتابع أنه سمع أحد الرهبان يطلب معرفة من كان قائد الجماعة، ورد عليه أحد عناصر المجموعة بالقول إن “هذا هو القائد ولابد أن تطيعه”، وهو ما اعتبره شومشير أمرا غير طبيعي، غير أنه لم يخرج من مضجعه اعتقادا منه أن الراهب “كريستيان” سيتكفل بالأمر نظرا لإتقانه اللغة العربية، وأوضح الراهب أنه بعد ربع ساعة، سمع صوت غلق البوابة الخارجية للدير، وظن أن الراهب “كريستيان” قد قضى حاجة الجماعة ورحلوا، غير أنه تفاجأ بقدوم الراهب أميدي، الذي كان من آخر الناجين مع جون بيار يخطره أن الرهبان السبعة قد اختطفوا. وفي ذات السياق، أكد شومشير أن عناصر الجماعة الإسلامية المسلحة الذين اختطفوا الرهبان السبعة، لم يبحثوا عن آخرين في أرجاء الدير، لأنهم قدموا على أساس وجود سبعة رهبان فقط، وقد سمع أحد عناصر الجماعة يسأل حارس الدير المسمى محمد، إن كان عدد الرهبان سبعة، وأجابه بالقول “مثلما قلت”، مؤكدا أن جهلهم للعدد الحقيقي كان السبب في نجاة الراهبين، وقال الراهب في شهادته أنه لم يكن يعتقد أن زملاءه سيقتلون، وظن أنه سيتم استغلالهم في شيء ما فقط، لأن خطورة حظر التجول لم تكن لتمكنهم من اختطاف مجموعة من الرجال، أغلبهم مسنين ومرضى. وفي إجابته حول الطرف الذي كان وراء خطف وقتل الرهبان السبعة، قال الراهب الذي يعمل حاليا بالمغرب: “أنا أتساءل”، ولكنه أكد أن الحارس “محمد روى له في لقاء بينهما أنه أوقف من طرف “المقاومين” وطلبوا منه مرافقتهم إلى غرف الرهبان”، وأن أحد عناصر المجموعة طلب من زميله جلب سلسلة بالقول “هات سلسلة، سيعرف هذا ما معنى الجيا”، وتابع الراهب الناجي، أن الجملة تؤكد أن الخاطفين هم عناصر “الجيا”، حسب ما أكده الحارس الذي تمكن من الهرب من قبضتهم. وتأتي شهادة الراهب في وقت أعادت فيه السلطات الفرنسية فتح ملف رهبان تيبحيرين، تحت مبرر شكوك حول تورط الجيش الجزائري في العملية، عادت بباريس إلى مرحلة البرودة في علاقاتها بالجزائر.