وضع تمسك الزعيم الليبي معمر القذافي، الرئيس الأمريكي بارك أوباما، في مأزق سياسي واقتصادي كبير، فبين مطامع الدول الكبرى في مقدمتها فرنسا في النفط الذي يراوح إنتاج ليبيا له ما معدله 2 مليون برميل يوميا، وبين الهزيمة المدوية لسابقه بوش الذي خاض حربا ضد صدام حسين في العراق، يصفها الخبراء بالمكلفة والخاسرة التي كانت آخر فواتيرها حذاء منتظر الزيدي، وجه أمس أوباما خطابه الأول للشعب الأمريكي حول الحرب في ليبيا يؤكد الخبراء أن حديث أوباما في خطابه الذي ألقاه أمس على الشعب الأمريكي يعكس عدم استعداد أمريكيا لتلقي ضربة اقتصادية جديدة، خاصة بعد الأزمة العالمية التي عصفت بها. ويحذر اقتصاديون أمريكيون من عواقب وخيمة على المدى الطويل نتيجة تكلفة الحرب على ليبيا ترهق الخزينة الأمريكية التي كانت دفعت في حرب العراق أزيد من 100 مليار دولار سنويا خلال سنوات الحرب على الاقتصاد الأمريكي البالغ حجمه نحو 14 تريليون دولار. وقال أوباما إن بلاده لن تكرر الأخطاء التي ارتكبتها في حربها على العراق بمحاولتها الإطاحة عسكريا بالزعيم الليبي معمر القذافي، لكنه شدد على أن العالم سيكون أفضل في غيابه، متعهدا بدعم جهود الإطاحة به. وقال في كلمة ألقاها من جامعة الدفاع القومي في واشنطن “إذا حاولنا الإطاحة بالقذافي بالقوة فإن تحالفنا سينهار”. وأضاف “يجب علينا عندها على الأرجح إرسال قوات أمريكية على الأرض”. وأوضح أن “المخاطر التي سيواجهها جنودنا وقتها ستكون كبيرة جدا، وكذلك التكاليف ومسؤوليتنا عما سيحصل بعد ذلك” في ليبيا. وقال أوباما “لقد سلكنا هذا الطريق في العراق ولكن تغيير النظام استوجب ثماني سنوات، وكلف آلاف الأرواح من الأمريكيين والعراقيين ونحو ألف مليار دولار.. لا يمكن أن نسمح لأنفسنا أن يتكرر هذا الأمر في ليبيا”. وتتحدث وسائل الإعلام الأمريكية عن مخاوف سيناريو العراق الإقتصادي والسياسي، وقالت صحيفة كريستيان ساينس الأمريكية إن الحرب في العراق كلفت أزيد من أربعة آلاف جندي أميركي، وهي ما قلب الرأي العالمي والأمريكي على الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، ولن يقبل بمثل هذا بارك أوباما القادم إلى العالم بفكر جديد يهدف إلى التغيير نحو الأفضل. وأشارت إلى أن التكاليف في ازدياد مستمر وأن التكلفة الجارية القصيرة الأجل بلغت 12.5 مليار دولار شهريا، أي بزيادة 4.4 مليارات شهريا في العام 2003. ولا تزال فاتورة العراق تشكل هاجسا لدى البيت الأبيض خصوصا أنها لا تزال تواجه انتقادات المحاربين القدامى في العراق الذين يطالبونها بالرعاية الكاملة، وهو الأمر الذي رفع من الفوائد على الديون الفدرالية الناتجة عن الحرب، لتصبح التكلفة 25 مليار دولار شهريا. واستبعدت وسائل الإعلام الأمريكية أن يواصل أوباما مسيرة بوش. هذا وأكد القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، أمس، إن العمليات العسكرية في ليبيا تكلفت حتى الآن “مئات الملايين من الدولارات”. وقال الأميرال جيمس ستاريفيدس وهو أيضا قائد القيادة الأوروبية للقوات الأمريكية في إفادة في مجلس الشيوخ “من الإنصاف القول إن تكاليف العملية ستكون بمئات الملايين من الدولارات”.