أوباما يلتزم الحذر ويفضل الواجهة الخلفية اظهر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الكثير من الحذر منذ بدء التحضير للحرب التي يشنها التحالف الغربي ضد نظام العقيد معمر القذافي. فأوباما المحاصر بالهالة التي تفرضها نوبل السلام مازال يواجه صعوبات جمة من تداعيات وافرازات الحرب الشرسة التي شنها سلفه جورج بوش في العراق، والتي حولت هذا البلد إلى مستنقع لم تستطع ادارة أوباما الخروج من كل أوحاله. كما أن أوباما الذي يواجه متاعب أخرى لا تنتهي في افغانستان لا يريد بحال من الأحوال أن يكون في واجهة قيادة حرب جديدة في ليبيا لا يدري احد كيف ستكون نهايتها. وخلافا للتبريرات التي قدمها جورج بوش قبل ثمانية أعوام لاجتياح العراق والتي زعم فيها امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل لم يتم العثور عليها، تمسك أوباما بذريعة حماية المدنيين الليبيين من قصف الكتائب الموالية للقذافي. ولم يشأ أوباما أن يكون الجيش الأمريكي في الواجهة، حيث أن الضربات الأولى للتحالف الغربي سبقت الى توجيهها طائرات فرنسية مباشرة بعد انتهاء قمة باريس مساء السبت. وخلال التصريحات التي أدلى بها على هامش زيارة يقوم بها إلى البرازيل منذ أول أمس، أكد الرئيس الامريكي للمرة الثانية في يومين على أن جيشه لن يقوم باجتياح بري لليبيا، وقال، "لن نقوم بنشر، أكررها لن نقوم بنشر الجنود الامريكيين في ليبيا". وتكبدت الولاياتالمتحدة خسائر بشرية فادحة منذ اجتياح العراق في 2003، تنضاف الى خسائرها في أفغانستان. وسبق لأوباما أن أمر بتعزيزات للقوات الامريكية المشاركة في العمليات العسكرية بأفغانستان، بحيث تضاعفت أعدادها ثلاث مرات منذ تسلمه السلطة في جانفي 2009، غير أنها المرة الأولى التي يمنح فيها أوباما الضوء الأخضر لعملية عسكرية واسعة النطاق. وفي التبريرات التي قدمها للأمريكيين قال أوباما أنه أيد قرار الأممالمتحدة من أجل منع العقيد القذافي من مهاجمة شعبه. وأضاف "أريد أن يعلم الأمريكيون أن استخدام القوة لم يكن الخيار الذي كنا نفضله، وأنا بكل تأكيد لم اتخذ هذا القرار بخفة". أوباما الذي طالما انتقد الحرب على العراق، ووصفها بالغبية، اعتبر أن الولاياتالمتحدة لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي "عندما يقول طاغية لشعبه أنه لن يرحمه وعندما تقوم قوته بتكثيف هجماتها على مدن مثل بنغازي ومصراتة" و قال أوباما " لن نستخدم القوة أبعد من الهدف المحدد بوضوح وهو حماية المدنيين في ليبيا". ولعل من البديهي أن خطاب أوباما لا يعكس بالضرورة حقيقة الأهداف التي تنطوي عليها هذه الحرب والرهانات الجيوستراتيجية للتحالف الغربي فيها. ومن البديهي أن أي حرب لن تكون نظيفة في نهاية المطاف.