الموسيقى لغة من لغات الجمال تشكّل مع غيرها من لغات الجمال الأخرى عالم الطفل. والطفل بطبيعته شديد الحساسية نحو الموسيقى بصورة عامة، وإن كان هناك فرق كبير بين الأطفال في عملية التذوّق الموسيقي، فلربّما استطاع طفل الغناء بصورة صحيحة في عمر سنتين، بينما لا يستطيع الراشد اكتساب هذه المقدرة ومن خلال الدراسة المتخصصة للمجلس العربي للطفولة في مصر والتي أعدّتها الباحثة آيات ريا ننتبيّن ما يلي : أن للموسيقى قدرة غنيّة وإمكانات تربويّة خاصة في تشكيل شخصية الطفل، كما تتميّز الموسيقى، كفنّ، بقدرتها التي لا تضاهى على التأثير في أدق انفعالات الإنسان والتعبير عن أحاسيسه وعواطفه ومصاحبته في أغلب لحظات وجوده، مشيرة بذلك إلى ارتباط الطفل بالموسيقى بدءا من إنصاته لدقات قلب أمه. وأوضحت الدراسة أن شخصية الطفل تتركّب من عدد من المكونات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية تتفاعل مع بعضها البعض وتتبادل التأثيرات، مبيّنة أن فنّ الموسيقى يتميز بقدرته المدهشة على تنمية المكونات المختلفة لشخصية الطفل. من الناحية الجسمية : تؤدي التربية الموسيقية إلى تنمية التوافق الحركي والعضلي في النشاط الجسماني، وإلى مجموعة من المهارات الحركية، إضافة إلى تدريب الأذن على التمييز بين الأصوات المختلفة، وتنمية هذه الجوانب الجسمية من خلال أنشطة موسيقية متعددة كالتذوق الموسيقي والغناء والإيقاع الحركى والعزف على الآلات. من الناحية العقلية : ذكرت الدراسة أن دور التربية الموسيقية يتمثل في تنمية الإدراك الحسي والقدرة على الملاحظة وعلى التنظيم المنطقي وتنمية الذاكرة السمعية والقدرة على الابتكار، إضافة إلى مساهمة الموسيقى في تسهيل تعلم وتلقي المواد الدراسية وذلك على ما يعتقد البعض. من الناحية الانفعالية : أشارت إلى تأثير الموسيقى في شخصيّة الطفل وقدرته على التحرر من التوتر والقلق فيصبح أكثر توازنا، إضافة إلى أن الموسيقى تستثير في الطفل انفعالات عديدة كالفرح والحزن والشجاعة والقوة والتعاطف وغيرها، وهو ما يساهم في إغناء عالمه بالمشاعر التي تزيد من إحساسه بإنسانيته. من الناحية الاجتماعية : قالت الدراسة إن التربية الموسيقية تساهم في تنمية الجوانب الاجتماعية لدى الطفل، موضّحة أنه في أثناء الغناء والألعاب الموسيقية تشتد ثقته بنفسه ويعبّر عن أحاسيسه بلا خجل ويوطّد علاقته بأقرانه، إضافة إلى الجانب الترفيهي في حياته، فضلا عن أن الموسيقى تنقل التراث الثقافي والفني إلى الأطفال. وأضافت أن الموسيقى لا تُسعد الطفل فقط بل تساعده على نماء شخصيته في كل جوانبه،ا وعليه فلا بد أن يكون لها مكان أفضل في الحياة اليومية للطفل وفي المدارس، مشيرة إلى أهمية الاستماع والتذوق الموسيقى الذي يعد دعامة أساسية في عملية التربية الموسيقية للطفل. وأكدت أن إسعاد الأطفال لا يكون بتلبية احتياجاتهم المادية فقط، بل لا بد من تضافر الجهود وتوفير مختلف الظروف الملائمة لتربية الأطفال بطريقة متكاملة وإنماء طاقاتهم الجسمية والعقلية والنفسية والجمالية، وهو ما يتوفر في الموسيقى التي يمكنها إحياء عالم الطفل وتفعيل إمكاناته المختلفة.