صدر، مؤخرا، عن منشورات أبيك، كتاب “الإمبريالية الإنسانية” لمؤلفه جون بريكمون. الكتاب الذي قدم له المفكر نعوم تشومسكي يقع في 300 صفحة من القطع الكبير، وهو الترجمة العربية للكتاب الصادر عن نفس المنشورات باللغة الفرنسية. المؤلف تعرض لقضية حماية حقوق الإنسان وكيف يتم استغلالها من طرف الدول الديمقراطية العصرية للتدخل في السياسات الداخلية للدول، ما يؤدي إلى انتهاكات عديدة قد تؤدي في معظم الأحيان إلى الاحتلال الصريح، كما حدث في العراق. يقول مقدم الكتاب نعوم تشومسكي: “الامبريالية الإنسانية تصور جاء به جان بريكمون ليحيط باختصار شاف ودقيق بفحوى مفارقة طرحت على القادة الغربيين وعلى المجموعة المثقفة في الغرب منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.. كذريعة لكل رد فعل يتم باللجوء إلى القوة، إلى الإرهاب”. وجاء الكتاب مقسما إلى ثمانية أقسام، عرض في مقدمتها أهم الأسباب التي دفعته للقيام بهذه الدراسة، وفي القسم الثاني تعرض لفكرة مهمة، وهي العلاقة بين السلطة والايدولوجيا والآليات الإيديولوجية المستخدمة في المجتمعات الديمقراطية، أما القسم الثالث فقد تعرض فيه إلى العلاقة المعقدة بين العالم الثالث والغرب، وهنا تحدث عن تكاليف الامبريالية الحديثة وما يتعرض له العالم الثالث جراءها. القسم الرابع الذي جاء تحت عنوان “أسئلة للمدافعين عن حقوق الإنسان” فقد طرح فيه الفكرة الأهم، والتي تتمحور في كيفية استغلال مسألة حقوق الإنسان لانتهاك هذه الحقوق، وقد انتقل المؤلف في القسم الخامس إلى “مبررات معارضة الحرب بين الضعف والقوة”. أما في الفصل السادس فقد تعرض إلى الأساطير والأوهام التي يتعرض إليها الفرد المعاصر من خلال الأوهام والشعوذة، حيث تحدث عن وهم معاداة الفاشية ووهم النزعة الأوروبية ومسألة الأممية وغيرها، ليواصل تحليل وتعرية الواقع العصري من خلال الفصل السابع الذي عنونه ب”سلاح الإيهام بارتكاب الذنب”. أما آخر قسم فقد تناول فيه الكاتب الآفاق المخاطر التي تنتظر العالم اليوم. الكتاب جاء في وقت ترتفع الأصوات في أوروبا وفي العالم العربي منادية بحقوق الإنسان ومهللة لهذا المفهوم في الغرب.. الكتاب هو شهادة حقيقية من داخل المجتمع الغربي عن مفهوم حقوق الإنسان وعن صناعته وصياغته في الغرب وفي عقول الآخر، وعن كيفية استغلال هذا المفهوم في السياسات الغربية، وخاصة الأمريكية، في تحصيل مصالحها القومية الضيقة.