بدا الاتحاد الأوروبي يجني أولى تأثيرات التدخل في ليبيا على بنيته التي قضى سنوات من أجل الوصول إليها، حيث أعلن مصدر رئاسي فرنسي أن باريس تدرس تعليق اتفاقية “شنغن” الخاصة بحرية السفر عبر الحدود في الاتحاد الأوروبي بسبب تدفق المهاجرين من تونس وليبيا، وهو ما يعيد التطور الذي حققته دول أوروبا في الالتئام خطوات إلى الوراء، كما يعكس من جهة أخرى تخوفا فرنسيا على الأمن القومي أعلن مصدر رئاسي فرنسي أن باريس تدرس تعليق اتفاقية “شنغن” بسبب تدفق المهاجرين من تونس وليبيا، وهو أول إجراء للتغيير تتخذه باريس تحت ضغط تأثير التدخل في ليبيا، حيث تضطر إلى الرجوع خطوة إلى الوراء بعد مسار الاندماج الطويل الذي سلكته مع جيرانها الأوروبيين بدءا بالاتحاد الاقتصادي ووصولا إلى الاتحاد السياسي بكل مجالاته. ويأتي ذلك فيما تتبادل إيطاليا وفرنسا الاتهامات بالتضييق على المهاجرين التونسيين، حيث ترفض السلطات الفرنسية الاعتراف بهويات الإقامة المؤقتة التي منحتها السلطات الإيطالية للآلاف منهم الذين توافدوا على جزيرة لامبيدوزا منذ اندلاع الثورة في جانفي الماضي. وقد ذكرت الرئاسة الفرنسية أن تدفق المهاجرين القادمين من تونس وليبيا عبر إيطاليا، يدفعها إلى التفكير في إمكانية وقف العمل باتفاقية “شنغن” التي تتيح حرية حركة الأشخاص في أوروبا. واعتبرت باريس أن شنغن “تشوبها العيوب، ويبدو لنا أنه ينبغي التفكير في آلية تتيح التدخل من خلال التعليق المؤقت لحين إصلاح العيب الموجود على الحدود الخارجية (للاتحاد الأوروبي)”. ودعا المصدر الرئاسي إلى “تعزيز نظام “شنغن” من خلال إيجاد أدوات من بينها تعزيز الهيئة الأوروبية لمراقبة الحدود (فرونتكس) أو التفكير في آلية للمراقبة”. وسيكون ملف الهجرة أحد أبرز الملفات خلال القمة الفرنسية الإيطالية الثلاثاء المقبل في روما بين رئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وأثارت فرنسا الأحد الماضي غضب الإيطاليين عبر وقف خط القطارات بين فنتيميلي الإيطالية وجنوب شرق فرنسا، لمنع وصول قطار يحمل متظاهرين مرافقين لمهاجرين تونسيين. وقد حددت السلطات الإيطالية مهلة ثمانية أيام لتقديمِ طلبات الهوية من أجلِ تخفيف أزمة الآلاف الذين يهيمون في أنحاء البلاد وتمكينهم من الرحيل إلى الدول الأوروبية الأخرى وهو ما لا تقبَله فرنسا.