صرح، قبل أيام، الرئيس أحمد بن بلّة فقال: “حسين آيت أحمد قبائلي أكثر منه جزائري”، ويقصد بذلك أنه من أنصار النزعة البربرية. وقد سبق لأحمد بن بلّة أن انتقد حسين آيت أحمد عندما قاد مسيرة ضد اللغة العربية سنة 1990 في شوارع مدينة الجزائر فقال عنه “احْرڤ روحو بهذه المسيرة”. والمعروف عن أحمد بن بلّه أنه عروبي، ومعاد للنزعة البربرية بالرغم من أنه لا ينكر أصله الأمازيغي. ينبغي علينا أن نفرق بين بربرية Bérbérité ونزعة بربرية Bérberisme، الأولى عنصر من تاريخنا، والثانية نزعة صنعها الاستعمار الفرنسي بهدف إيجاد ضرة للغة العربية من اللغة الأمازيغية تدخل في صراع معها لصالح استمرار هيمنة اللغة الفرنسية على الدولة الجزائرية. وبن بلّة ينتقد نزعة حسين آيت أحمد البربرية. وقد سبقه لذلك بن يوسف بن خدة عندما تكلم عن الأزمة البربرية التي مرت على حزب الشعب الجزائري في 1949 في كتابه ( Les origines du 1 novembre ). في 1996 نصح الفرنسيون البربريست قائلين لهم: “إذا لم ينضم للقبائل الشاوية ستموت النزعة البربرية”، فقرروا عقد مؤتمر دولي أمازيغي في باتنة يحضره ألفا مؤتمر من القارات الخمس، ورفض الشاوية هذا القرار، اجتمع في باتنة ستون من ضباط جيش التحرير في الشرق الجزائري ووجهوا لائحة رفض عقد المؤتمر بباتنة، وجهوها للرئيس اليمين زروال الذي استجاب لهم وأصدر قرارا بإلغاء عقد المؤتمر، وأصدر أحمد بن بلة بيانا يؤيد فيه الأوراسيين في موقفهم. هذا نشرته الصحف، وشنت عليه الصحافة المفرنسة حملة على هذا البيان، وهو منشور في كتابي (الأمازيغ عرب عاربة) صفحة 179 المطبوع سنة 1996. وننشر بهذا المقال نص البيان: بيان تأييد من الرئيس أحمد بن بلّة اجتمعت الولاية التاريخية الأولى (أوراس النمامشة) في مدينة باتنة يومي 30 و31 مارس 1996، وأصدرت لائحة حول المسألة الأمازيغية تتفق مع تاريخنا، ومع بيان أول نوفمبر. ومنطقة هذه الولاية تضم (الشاوية) أكبر تجمع أمازيغي بالجزائر، وأكثرهم أصالة من الناحية الأمازيغية، ولا تستطيع أي فئة أخرى أن تزايد عليهم في هذا الميدان، ولهذا فإن هذه اللائحة تعبر عن الأمازيغ الأحرار الوطنيين الذين لم تشوههم دسائس الإستعمار. لقد استعمل الإستعمار الفرنسي القديم ورقة الأمازيغية في نهاية الأربعينيات من أجل تدمير حزب الشعب الذي أعد للثورة المسلحة، وتمكنا من إفشال مؤامرته، وطردنا من الحزب العناصر التي استعملها، فلجأت إلى الحزب الشيوعي. وبقيت خميرة (البربريزم) حية إلى ما بعد الاستقلال، فالتقطها الإستعمار الفرنسي الجديد وأسس عليها الأكاديمة البربرية في جامعة (فانسان) بباريس سنة 1967، من أجل التآمر على هُويتنا المتمثلة في الإسلام والعروبة، وذلك بتدمير الوحدة الوطنية، بواسطة خلق لغة وطنية ثانية تدخل في صراع مع العربية، حتى تبقى الفرنسية مهيمنة تلعب دور الحكم في هذا الصراع. إن سائر الأمم الحية المتقدمة تعتمد على قاعدة (لا وحدة وطنية بلا وحدة لغوية)، وتعدد اللغات يعني تعدد الأمم، ومََثَل يوغوسلافيا والاتحاد السوفياتي شاهد على ذلك. ولهذا فإن لائحة (أوراس النمامشة) قدمت التناول السليم للمسألة الأمازيغية، وذلك باعتبار تراث اللهجات الأمازيغية رافدا للغة العربية. وبناء على ذلك فإنني أؤيد بقوة هذه اللائحة، وأهنئ أمازيغ أوراس النمامشة الذين سموا فوق الغرائز العرقية، وقدموا لنا المفهوم الصحيح لهذه القضية، التي لوّحت في السنوات الأخيرة بخطر تمزيق وحدتنا الوطنية، بل وجر بلادنا إلى حرب أهلية على أساس عرقي، على غرار ما يجري الآن في يوغوسلافيا. فهنيئا لإخواننا بالأوراس النمامشة، على هذا الموقف الوطني الذي لا يعتبر غريبا عنهم، ألم تنطلق ثورة أول نوفمبر من الأوراس؟ أحمد بن بلّة الجزائر في 28 أفريل 1996 في هذا المقال أود تذكير أبنائنا بهذه الحقائق التي تبين معدن الرجال الأصلاء.