حزب العمال يصف الاختلاف ب”الطبيعي” ويدعو إلى ضرورة احتوائه عرفت الساحة السياسية تجاذبات بين موالين ومعارضين لمبادرة المشاورات حول الإصلاحات التي يقودها رئيس مجلس الأمة، التي أفرزت واقعا سياسيا جديدا أرجعه المتتبعون إلى ذكاء سياسي ساهم بقدر كبير في تفادي التوترات السياسية والقلاقل الاجتماعية، لكنها شكلت بالمقابل جبهة معارضة تضم شخصيات وطنية بارزة وأحزاب لها وزنها على الساحة. وفي السياق، قال الناطق الرسمي لحزب العمال، جلول جودي، في تصريح ل”الفجر”، إن الديمقراطية تجيز اختلاف الآراء وتعددها، لذلك فإنه من الطبيعي توقع بروز مواقف متفاوتة ومتعارضة، إن لم يتم احتواؤها قد تؤدي في الكثير من الأحيان إلى الانفلات، مضيفا أن الظرفية السياسية الحرجة تقتضي تجاوز شتى أصناف الصراعات، و”تأويلا سياسيا موضوعيا وتنسيقا سياسيا عقلانيا بين مختلف الاجتهادات والرؤى، مبنيا على قراءة جديدة للتطورات الحاصلة بمضمون تنصهر فيها كل المواقف في شكل جوهر واحد يعبر عن تطلعات وتصورات الجميع”. من جهته، أوضح موسى تواتي، رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، أن تشخيص الأزمة في البلاد متفق عليه حول ضرورة تصحيح الاختلالات السياسية ذات التأثير على الاستقرار، والتي من شأنها أن تحقق الوفاق الوطني، وأضاف أن “تحقيق مطالب التغيير مرهون بالطريقة أو المنهجية المتبعة لبلورة رؤية شاملة، كثمرة لنقاش وطني تكسب ثقة الجميع”، وهو ما تفتقده محاولات الإصلاح إلى حد اليوم، حسب تعبير المتحدث. واتهم موسى تواتي أطرافا وجماعات باستخدام القهر السياسي لتصدير ما هو خاص على أنه مصلحة عامة، و قال إن أي انتصار للديمقراطية وأي احترام للحقوق السياسية لا يمكن أن نتوقعه في ظل سطوة مثل هذه الجماعات التي تطرح تصورها الخاص وتحاول فرضه على الجميع”، وواصل أن استمرار ذلك “سيؤدي بالمعارضة إلى الممانعة والرفض، ويحدث الانقسام”. ولم ينكر رئيس حركة الإصلاح، عبد لله جاب الله، أن الصيغة التي جاءت بها المشاورات السياسية، “التي تعتبر في الحقيقة تصور ضيق للسلطة تحاول فرضه على الشعب على أنه مصلحة عامة، على اعتبار أن الديمقراطية لا تبنى بقرارات فوقية بقدر ما هي مسار متواصل من الانسجام مع التوجه المجتمعي العام”، قد أفرزت واقعا سياسيا جديدا غير خارطة التحالفات والتكتلات التقليدية بما يكفل لكل طرف مصالحه، وأحدثت انقساما في الساحة السياسية بين جبهة الرفض و أخرى موالية، وقال إن الفريق المحسوب على الموالاة تعجبه الطريقة التي تسير عليها الأمور، لأنها تكفل له مصالحه، أما الرافض لا يمكنه تأجيل رغبته ويريد النتائج الفورية بحثا عن التموقع في عمق النسق الجديد الذي قد تتمخض عنه المعطيات الجديدة والمتغيرات، الأمر الذي قد يفتح الباب على كل الاحتمالات.