أكدت دراسة حول “الأديان الكتابية والحوار الديني” أن الإسلام يرفض التعصب سواء للجنس أو الدين ويدعو إلى التعارف والتعايش وتبادل المنافع والمصالح والأخذ والعطاء والتأثير والتأثر بالآخر، مشيرة إلى أن الإسلام دعا المجتمع المسلم إلى أن يكون متسامحا مع نفسه ومع الآخرين وأن يتعايش معهم في حوار هادف وبناء أشارت الدراسة التي أعدها الدكتور عيسى عبد الله علي الأستاذ بكلية الشريعة جامعة قطر، والتي قدمها للمؤتمر السنوي الحادي عشر للفلسفة الإسلامية الذي عقدته كلية دار العلوم بجامعة القاهرة مؤخرا، إلى أن الإسلام ينطلق من أن الاختلاف كامن في طبيعة الحياة، لأن الله خلق الكون وما فيه ومن فيه على أساس من الاختلاف الواضح في التنوع والتعدد، موضحة أن الله عز وجل أكد هذه الحقيقة التي لا تبديل فيها في قوله:”ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم”. وقال د.عيسى : “لقد اعترف المسلمون بوجود الآخر بناء على دعوة الإسلام إلى أهمية التعامل والحوار معه”، مشيرا إلى أن المسلمين مطالبون بالسعي للحوار مع الناس بما يحقق وضوح الرؤية ويجمع الكلمة على المبادئ والقيم الهادفة انطلاقا من الدعوة القرآنية “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله”. وأوضح أن الإنسان المؤمن بالله تعلّم من الإسلام أنه لا يعيش وحده في هذه الحياة وإنما يعيش معه أناس آخرون وأمم مختلفة المذاهب والعقائد، مؤكدا أن القرآن الكريم قدّم الدرس المنهجي في مجال العلاقة بالأديان وهذا واضح في حديثه عن أهل الكتاب سواء الذين يؤمنون بالتوراة التي أنزلت على موسى أو الإنجيل الذي أنزل على عيسى أو الصحف التي أنزلت على إبراهيم أو الزبور الذي نزل على داود - صلوات الله وسلامه عليهم جميعا - يقول تعالى “إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا أن الله يفصل بينهم يوم القيامة أن الله على كل شئ شهيد” ويقول أيضا “إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون”. وتذكر الدراسة عن أبي الحسن العامري المتوفى سنة 381 هجرية في كتابه “الإعلام بمناقب الإسلام” أن مدار الدين يقوم على الاعتقادات والعبادات والمعاملات والمزاج وأنه غير بعيد أن يعلم العاقل أنه ليس يوجد واحد من الأديان الستة التي لها خطط وممالك التي ذكرها قوله تعالى: “أن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا أن الله يفصل بينهم يوم القيامة” إلا وله اعتقاد بشيء يجري سعيه إليه ومنهج في العبودية يتحرى بالتزامه إقامة الطاعة وأوضاع في المعاملات ينتظم بها معاشهم، ورسوم في المزاجر يتحصن بها عن البوائق والأشرار. وتشير إلى أن الإنسان الذي يؤمن برسالة الإسلام لا يستطيع إلا أن يصدّق بالنبيين والمرسلين الذين صدقهم الإسلام ودعا إلى الإيمان بهم وهذا يشكل حلقة في وحدة الإيمان التي أكدها الإسلام وتبنّاها في جانبه العقدي وتحدث عنها في القرآن الكريم، مؤكدة أن وحدة الإيمان حقيقة تفرضها وحدة المصدر بصورة قاطعة لا تقبل الرد أو التشكيك ولا يغير من واقعها وجود فواصل البعد الزمني بين الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى عباده. وأوضح د. عيسى عبد الله أن الإيمان يعني العقيدة ممثلة بالأصول التي يقوم عليها الدين وهذه الأصول في الإسلام مماثلة لتلك التي قامت عليها جميع الأديان الكتابية التي كان عليها أنبياء ورسل بعثهم الله لهداية الناس على اختلاف العصور وتباعد الأزمنة. وتجمل الدراسة الأصول التي قامت عليها الأديان الكتابية والتي حملها كل نبي بعثه الله تعالى في: الإيمان بالله رب العالمين .. الإيمان بالغيب واليوم الآخر .. الإيمان بالنبيين والمرسلين وتصديقهم. وأشار د. عيسى إلى أن كلمة الإسلام بمعناها القرآني تؤكد العلاقة بين الإسلام وبين الأديان الكتابية، فالإسلام في لغة القرآن ليس اسما لدين خاص وإنما هو اسم للدين المشترك الذي جاء به الأنبياء والرسل وآمن به أتباعهم، فالدين منذ القدم هو الإسلام.