وهيبة منداس أكد الباحث الدكتور مولود عويمر أستاذا التاريخ المعاصر بكلية العلوم الإنسانية -جامعة الجزائر- بالمكتبة الوطنية خلال اللقاء الذي جمعه سهرة أول أمس بنخبة من المنشغلين بعوالم الكتاب لتقديم آخر إصداراته "الإسلام والغرب بين رواسب التاريخ وتحديات المستقبل " أن الإسلام ليس دين عبادات وممارسات فقط بل هو دين سلوكات وإنجازات وأوضح أن الإسلام يمثل حضارة دخلت قرنها ال15 بقيمها الروحية والإنسانية العالية المتشبعة بالتسامح وأضاف الغرب ينظر للإنسان المسلم على أنه عبارة مجوعة من القيم الإجتماعية وفق منظومة جغرافية وهدا الغرب ذاته يرفضه المسلمون لكن نعيشه يوميا وهنا تكمن المفارقة والتضاد وأشار أ، الغرب يعيش تعددا ثقافيا ودينيا تمثل فيه الجالية المسلمة مكونا وجزأ من هدا النسيج الغربي وهو ما يخلق حالات معينة من العلاقات وطرح الدكتور مولود عويمر سؤالا جوهريا هو كيفية تفاعل العالم والمجتمعات الإسلامية مع المحددات والمعايير الدولية الجديدة غي شتى المستويات؟ وطرح قضية فقه الأقليات وإشكالية من له الحق في تقديم الحلول الفقهية لمستجدات المسلمين في فضاء الغرب وبصيغة أخرى من المؤهل شرعيا لتقديم الإجابات المطروحة أو الإفتاء والاجتهاد للجاليات المسلمة المغتربة في العالم الغربي هل هم العلماء والفقهاء المسلمين الدين يعيشون في العالم الإسلامي أم الفقهاء الدين يعيشون في الغرب ويدركون جيدا طبيعة الأسئلة وخلفياتها بحكم أن "أهل مكة أدرى بشعابها" وقال الدكتور مولود عويمر أنه معضم الفقهاء المسلمين يحرمون العيش في بلاد الغرب الغير إسلامي كما أوضح أن المفكر الغربي المعتدل يفهم أن أفكار المسلمين هي جزأ من المقاومة للحفاظ على خصوصياته وهويته وعدم الذوبان في الآخر بينما يرى المفكر الغربي المتطرف ا، مقاومة المسلمين للنموذج الغربي هو رفض للمجتمع والحضارة الغربية وبالتالي للمسلم خيارين إما ،أن يكمل الطريق مقاوما لكل المِؤثرات والمغريات الغربية أو يستسلم ويطرح سؤالا آخر مقابل دلك هل يقبل الغرب الذي يدعي التفتح والحوار الدين يتخلون عن المقاومة ويجيب أن ذلك مستحيل مستشهدا بتجربة تركيا الدولة العلمانية التي ترفضها أوروبا والعالم الغربي بسبب جذورها الإسلامية ، وأشار إلى أن المتطرفين من العالم الغربي باختلاف توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الدينية، كانوا دائما يعارضون هذا المد الإسلامي ويشوهون قيمه ومشاهده بمختلف الوسائل، وظهر مفهوم جديد هو »الإسلام موفوبيا« التي تهدد حصيلة الحوار الحضاري بين الإسلام والغرب بتخويف الرأي العام الأوربي والأمريكي من المسلمين. وقدعجت مؤتمرات وندوات دولية في السنوات الاخيرة حول موضوع »حوار الحضارات« او "حوار الأديان« شاركت فيها شخصيات ومنظمات إسلامية وغربيةوساهمت بفعالية في تقريب وجهات النظر في قضايا حيوية كثيرة، والتخفيف من حدة التوتر والخوف من الآخر بسبب رواسب التاريخ والخطاب التحريضي المسيء للإسلام الذي تنشره وسائل الإعلام وتروجه القوى المضادة. من جهته أشار مدير عام المكتبة الوطنية الدكتور أمين الزاوي إلى ملتقى الإجتهاد الذي احتضنته المكتبة الوطنية قبل فترة وتناولت قضايا الإجتهاد وعلاقتنا بالآخر وقال أ، تفجيرات 11 سبتمبر خلقت ظاهرة غريبة حيث تشير بعض الدراسات أن اللغة العربية تحتل المرتبة الثالثة عالميا وأثارت شغف الدارسين لإكتشاف العالم العربي والإسلامي كتاب ا"الإسلام والغرب بين رواسب التاريخ وتحديات المستقبل" للدكتورمولود عويمر صدر مؤخرا عن منشورات المجلس الإسلامي يتضمن ثلاثة فصول -يقع في 228 صفحة - ويطرح الكتاب الإشكالية التي تواجه المسلمين والغربيين على حد سواء نظرا لصعوبة تجاوزهم للرواسب التاريخية الثقيلة والتي تمثل عائقا في وجه بناء حوار حضاري مثمر، ومن جهة أخرى عن تعامل الغرب مع هويته الجديدة التي تتسم بالتعددية الدينية والتنوع الثقافي. يضاف إلى هذا كله مشكلة تفاعل المسلمين مع تحديات المستقبل التي تفرزها طموحات العولمة ، حيث يرى الدكتور عويمر أن مضمون الإجابة عن هذه الإشكاليات هو الذي سيبرز معالم مستقبل العلاقات بين الإسلام والغرب ويحدد موقع المسلمين في هذا العالم المتحرك ، ويعتقد أن مشروع الحوار الإسلامي الغربي يتطلب تصورا جديدا خاصة في ظل وجود رواسب تاريخية مثقلة بالصراعات والحروب بشكل تدفع الإسلام والغرب للتصادم، في حين أن تحديات المستقبل المشتركة تفرض عليهما التعايش. من أجل إثراء هذه الإشكاليات ومناقشتها، خصص الكاتب الفصل الأول للوجود الإسلامي في الغرب أين اتخذ فرنسا نموذجا حيث تطرق إلى التجربة الدعوية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين في فرنسا من 1936 إلى 1954بالاضافة إلى واقع وآفاق الوجود الإسلامي في فرنسا، كما درس الأقليات الإسلامية المتواجدة هناك، وتطرق إلى واقع اللغة العربية بهذا البلد. أما في الفصل الثاني فقد عالج الدكتور عويمر الصور المتبادلة بين الإسلام والغرب وذلك من خلال عرض نزعة الاستعلاء في الفكر الغربي الحديث وأثرها على فهم قضايا الإسلام والمسلمين، وكذا ظاهرة التدين في المجتمع الغربي، كما درس قضية الحجاب والعلمانيين الجدد في فرنسا، بالإضافة إلى الدراسات المقامة حول الإسلام في الغرب. خصص للفصل الثالث لتأطير العلاقات بين الإسلام والغرب في ظل العولمة أين تطرق إلى الحركة المناهضة للعولمة في أوروبا والتي رأى أنها تخدم المسلمين إذا ما أدركوا كيفية الاستفادة منها ، كما أعطى المؤلف تصورا جديدا للعلاقات بين الإسلام والغرب في أوربا. وفي الأخير يذهب الدكتور عويمر إلى أن حل هذه المعادلة الصعبة هي المهمة القادمة للمفكرين المسلمين والغربيين حيث يقول إن كتابه هذا ما هو إلا مساهمة منه في إثراء هذا المشروع الطموح . للتذكير فإن مولود عويمر متحصل على دكتوراه في التاريخ المعاصر من جامعة باريس ، عمل محاضرا في التاريخ والحضارة بالمعهد الأوربي للعلوم الإنسانية بباريس في الفترة الممتدة بين 2000 و2004 . ونال عضوية تحريرعدد من المجلات العلمية، كما ساهم في تأسيس جمعية العلماء الاجتماعيين المسلمين بفرنسا عام 2002 . شارك الدكتور مولود عويمر في عدة ملتقيات دولية حول " العلاقات بين الإسلام والغرب " و" الفكر الاسلامي المعاصر " في الجزائر والخارج . نشر العديد من الدراسات والبحوث باللغتين العربية والفرنسية في المجلات الفكرية والتاريخية. يعمل حاليا أستاذا للتاريخ المعاصر بكلية العلوم الإنسانية بجامعة الجزائر . له كتابان: " أعلام وقضايا في التاريخ الاسلامي المعاصر " و "مالك بن نبي رجل الحضارة