إلى السيدة حدة حزام مديرة نشر ورئيسة تحرير يومية ”الفجر” لقد افتقر مقالك ”الثورة بتوقيت لندن”، إلى كثير من الصحة في كل الجوانب تقريبا وأية مقارنة بين أحداث لندن والربيع العربي تتجه نحو إنكار المطالب الشرعية للمتظاهرين العرب الذين ضحوا بأنفسهم في كفاح حقيقي من أجل الحرية في وجه قمع حقيقي ووحشي. وأود أن أصحح هذه الأخطاء. إن القول بأن لندن هي صورة أخرى من دمشق أو طرابلس أو القاهرة أو عدن هو وصف غير صحيح للديمقراطية. فما يحدث في شوارع دمشق وغيرها من المدن في سوريا بعيد كل البعد عما حدث في المملكة المتحدة الأسبوع الماضي. ففي بريطانيا يحق للشعب أن يتظاهر سلميا، وهو حق يمارسه مرارا. الشرطة البريطانية لا تطلق النار على المتظاهرين أو تقذف مدنهم بالمدافع كما إنها لا ترسل الدبابات لتسحق (بأتم معنى الكلمة) الأصوات المعارضة. ولم يقتل أحد في لندن بسبب التظاهر، لذا فإن مقالك خال من الدقة ومضلل. توفي للأسف؛ خمسة أشخاص في محاولة منهم للدفاع عن تجارتهم وممتلكاتهم. لقد ماتوا، لكن ليس من رصاصة أو قنبلة أطلقتها الشرطة أو الجيش؛ بل على أيدي مثيري الشغب. لم يكن سبب هذه الأعمال عرقيا، فقد كان من بين مثيري الشغب بيض وسود وآسيويون. وإضافة إلى نهب المحلات، فقد سرق هؤلاء من أشخاص بيض وسود وآسيويين من داخل بيوتهم ومؤسساتهم. صحيح أن الكثير من مثيري الشغب قدموا من الأحياء الفقيرة، لكن القول إن هذه الأعمال كانت بدافع الفقر فيه إهانة أيضا لملايين الأشخاص الذين مهما اشتدت ضائقتهم لن يحلموا أبدا بخرق القانون أو جعل غيرهم يعانون بهذه الطريقة. إن ما رأيناه بحر الأسبوع الماضي في المملكة المتحدة كان إجراما: بعض الآلاف من الأشخاص (في بلد يضم أكثر من 60 مليونا) يظهرون اللا مبالاة لما هو صواب أو خطأ، أشخاص يعانون من انعدام ضبط النفس ويسعون لإرضاء أنفسهم على حساب غيرهم. لقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني أن الحكومة لن تقف صامتة أمام هذه السلوكات والادعاءات التي تركت بعض أقطاب المجتمع البريطاني في هذه الحال المروعة. وأعلن، فوق كل شيء، عن جهد موحد ضد العصابات وثقافة العصابات، هذا المرض الإجرامي الذي مس مؤخرا بعض مدن المملكة المتحدة. وسيحدث كل هذا من خلال مخطط ديمقراطي وسيقام من أجله نقاش مفتوح بين الشعب البريطاني والصحافة البريطانية والبرلمان البريطاني. وإن لم يوافق الشعب البريطاني، في النهاية، على الحلول المقدمة من قبل برلمانهم، يمكنهم التعبير عن ذلك دون الخشية من أي انتقام. وبالسلطة الديمقراطية التي يتمتعون بها والمتمثلة في حقهم بالتصويت، يمكنهم حتى، إن هم أرادوا، أن يغيروا الحزب الحاكم. هذا لا يكاد حتى أن يكون صورة أخرى من دمشق أو طرابلس أو قاهرة مبارك أوعدن. بارنارد غارسيد نائب رئيس البعثة والقائم بالأعمال سفارة المملكة المتحدة بالجزائر