تعد كسوة عيد الفطر حلما للصغار ممن ينتظرون يوم العيد بشغف كبير لا يضاهيه شيء آخر بالنسبة لهم.. فاليوم الموعود في ذهن البراءة يعد نظير ارتداء أجمل الحلل وأبهاها، والتي يجتهد الأولياء في اقتنائها كل حسب مقدوره لفلذات أكبادهم، فيضطر معها للتخفيف من بهاء الحلة وجمالها، لأن قيمة الأجمل والأبهى تفوق طاقة الجيب كما يخطئ من يعتقد أن الأبناء لا يحسون بذلك، وهو ما يؤكده الآباء الذين يقولون إن أبناءهم يقدمون ملاحظات في هذا الخصوص غالبها في المحلات والمتاجر وهم يشاهدون أقرانهم من بين أبناء العائلات الميسورة وهم يقتنون أغلى الثياب، ما يجعل الكثيرين من الأمهات والآباء على حد سواء يستغنون عن فكرة الولوج إلى المحلات الكبيرة المعروفة بملابسها الغالية الثمن، لكنهم لا ينجون مع ذلك من نظرات الغيرة المشروعة في عيون أبناء لا يدركون حجم معاناة الأولياء في توفير الأفضل لهم، في ظل غلاء المعيشة التي تكون قد أنهكتهم في الشهر الفضيل، وكلهم علم أن هناك مشقة الدخول المدرسي التي ستلي ما قبلها من مشقة فيضطرون للاقتصاد في ملابس الأبناء الذين يعجزون عن تفهم الأمر. وإن لم يبدُ ذلك بنبرة حادة لصغر سنهم إلا أن الأمر يظهر على ملامحهم، وهو أكثر ما يحز في النفس على حد تعبير سيد علي، حارس بإحدى المدارس الابتدائية بالبليدة، الذي يقول إنه يأمل توفير الأفضل لأبنائه إلا أنه غير قادر على ذلك، شأنه شأن كثيرين من الأولياء من الطبقة المتوسطة والذين يحصون أكثر من ابن في العائلة على عكس عائلات أخرى يتسابق أفرادها لشراء أكثر من كسوة لابن أوابنة مدللة، لاسيما إن كان الصغير بكرا وليس في العائلة سواه، فترى الأب وحتى الخال والعم يتسابقون على تدليل هذا الصغير.. في وقت كان بالإمكان كسوة غيره من أبناء العائلات المحتاجة أواليتامى وغيرهم كثير ممن لا يحظون بفرصة لبس كسوة جديدة في يوم عيد.