يلتقي جمهور الفن السابع في السابع من الشهر الجاري، ضمن الفعاليات المسرحية لتظاهرة ‘'تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية”، بالمسرح الوطني محي الدين باش تارزي بالعاصمة مع العرض المسرحي “الشهداء يعودون هذا الأسبوع” لمخرجه زياني شريف عياد، في ثاني إعادة للعمل المسرحي المتميز الذي استمتع به محبوه في عرضين سابقين. العمل الذي كتب نصه الروائي الجزائري الطاهر وطار سنة 1973 ونشر لأول مرة في بغداد عام 1974، وأعيد نشره في الجزائر سنة 1980. العمل المسرحي الذي أخرجه للمسرح زياني شريف عياد حاز على “ التانيت الذهبي” في تظاهرة أيام قرطاج المسرحية عام 1987. المسرحية التي ترجمت الواقع إلى حد بعيد وحاكت أوضاع الجزائر بعد الاستقلال، عكست من خلال أحداثها سلبيات النظام وما يشوبه من تجاوزات وضبابية، مستفسرة عبر سردها الحواري عن رد فعل الناس لو عاد الشهداء الى الحياة؟ فكيف سيتعامل جيل الاستقلال مع الوضع؟ ليفتح افتراضه المسبق المجال عن السبل الكفيلة بالاستفادة من دمائهم التي ضحو بها من أجل نيل الحرية إلى أن يصل إلى استنتاجه الذي مفاده أنه ‘'لا أحد يرحّب بعودة الشهداء، لا المخلص ولا الانتهازي ، ولا المناضل ولا الخائن”. وقد اعتبرت المسرحية صفعة كبيرة تلقتها السلطة من خلال عكسها سلبيات النظام وفجواته التي أنتجت التصرفات التعسفية، وانعكاساتها على الشعب الذي كان يتوق إلى الحرية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني، وكان وطار قد استلهم موضوع نصه من إشرافه على انتخابات عام 196، أين كان وقتها قياديا في جبهة التحرير الوطنية وحدث أن سأل رفقاءه من المسؤولين: ‘'ماذا لو عاد الشهداء؟'' لتفاجأ بإجاباتهم الاستهزائية قائلين: ‘'إذا عاد الشهداء سنقبض عليهم ثم نقرّر مصيرهم وهذا طبعا بعد أن نتأكّد من أفكارهم ومدى مطابقتها لتوجّهات الجزائر المستقلة''، هذه الإجابات اعتبرها صاحب رائعة ‘'اللاز'' خيانة عظمى في حق الشهداء الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استرداد الحرية المسلوبة فاستلهم من حواره مع زملائه موضوع روايته التي حولت الى عمل مسرحي لاحقا. وسجلت المسرحية، خلال عرضها لأوّل مرة عام 1987، نجاحا كبيرا خاصة مع مشاركة خيرة الممثلين المسرحيين الجزائريين كصونيا، عز الدين مجوبي، أمحمد بن ڤطاف، مصطفى عياد وغيرهم ممن تنهلوا من أب الفنون ومثلوه أحسن تمثيل وكانة دوما سفراء المسرح الجزائري، ناهيك على أن المسرحية واكبت مختلف التغيّرات التي عرفها المجتمع الجزائري، ما جعل هذا العمل ساكنا في الذاكرة الجماعية للجزائريين على غرار مسرحيات ‘'قالوا العرب قالوا'' و''العيطة'' وكذا ‘'حافلة تسير''، وغيرها من الأعمال التي تركت بصمتها على ركح الفن الرابع. ونفس الإقبال عرفته النسخة الثانية من ‘'الشهداء يعودون هذا الأسبوع'' التي أعادها زياني شريف عياد عند توليه إدارة المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، حيث قدّم رؤية جديدة للنصّ الأصلي مع تعديلات طفيفة في النسخة الأولى، وذلك في انتظار ما سيسفر عنه لقاء جمهر المسرح مع العمل الذي سيعرض يوم 7،8، والتاسع من الشهر الجاري. يذكر أن نص الطاهر وطار ‘'الشهداء يعودون هذا الأسبوع'' كان له صدى عربي كبير، على اعتبار أن المقاربة تخص كل شهداء العرب، حيث قال عنه في وقت سابق الفنان أيمن زيدان الذي اقتبسه السنة الفارطة وعنونه ب “راجعين” أنّ ‘'القصة تحمل سؤالا افتراضيا مجنونا، ووجدت أنّ المقاربة تخصّ كلّ شهداء المنطقة العربية، ولكنّني اخترت أن تجري أحداث الحكاية بعد حرب أكتوبر 1973 لأنّها آخر الحروب العربية''.