لم تكد العائلات الجزائرية تسترجع أنفاسها من ضيق مصاريف شهر كامل من الصيام والموائد المتنوعة، وحلويات العيد والملابس حتى وجدت نفسها أمام أعباء ومصاريف جديدة، تتعلق بالدخول المدرسي ومختلف متطلباته من مآزر وحقائب وأدوات مدرسية تشكل مهمة صعبة يتوجب على كل الأولياء اجتيازها. تعود بداية هذه الضغوطات مع حلول رمضان وعيد الفطر في الإجازة الصيفية التي شكلت عبئا ماديا إضافيا على جيوب العائلات الجزائرية، خاصة بالنسبة للذين فضلوا الاستجمام خارج المنازل والتي كلفتهم ميزانية معتبرة، لتفاجأ بمصاريف الشهر الكريم، ثم التحضيرات لعيد الفطر التي أنهكت الجيوب، لتظهر أعباء ومتطلبات جديدة لا بد منها. اقتناء المآزر والمحافظ.. في انتظار قوائم الأدوات المدرسية بعد انقضاء أيام العيد جاء دور اقتناء لوازم الدخول الاجتماعي من محافظ ومآزر وأدوات مدرسية، والتي اختار أغلب من تحدثنا إليهم الاكتفاء بشراء المآزر والمحافظ، هو حال السيدة منى التي وضحت “أنها تمنح الأولوية لشراء المآزر، خاصة أنها لا تكتفي بواحد فقط، بل باثنين لكل من أطفالها الأربعة، حيث كان لها أن تنجز هذه العملية في نفس يوم شرائها لملابس العيد”، فمحلات بيع اللوازم المدرسية أصبحت تنافس المحلات الخاصة ببيع الملابس، وهو الحال بالنسبة للسيدة نادية التي أول ما بدأت به هو شراء المآزر، تخوفا من الطلب الذي سيعرف تزايدا كبيرا خلال الأسبوع الذي يسبق الدخول الاجتماعي، مضيفة “أنها ستترك شراء اللوازم الأخرى إلى اليوم الذي سيوافق هذه السنة الحادية عشر من سبتمبر، في انتظار تلك القوائم التي قالت عنها إنها تتطلب راتبا كاملا. أما السيدة نجاة فقد تمنت لو أنها تمكنت من شراء المآزر والمحافظ مسبقا تحسبا لضيق الوقت بعد فترة العيد، فالزيارات لن تقتصر على هذه الأيام فحسب بل ستدوم على مدى الأسبوع الذي يليه. كما تعرف المآزر الوردية والزرقاء إقبالا منقطع النظير في هذه الفترة، ما أدى إلى ارتفاع لافت في أسعارها وصل إلى 800 دج. أطفال ملّوا من ملابس العيد ويسألون عن ملابس الدخول المدرسي بعد قضائهم لأيام العيد وتمتعهم بالملابس الجديدة، بدأ الأطفال يسألون عن ملابس الدخول المدرسي، بعدما وجدوا أنفسهم مضطرين لقبول الأمر الواقع، فرمضان الذي يحبونه كثيرا أثر على ميزانية آبائهم ودفعهم إلى التقشف وإجبارهم على الاختيار بين العيد أو الدخول المدرسي. وبما أن الأطفال لا يدركون، لصغر سنهم، حجم المسؤولية الملقاة على عاتق أوليائهم بدوا من خلال الحديث إلينا غير راضين على قرارات آبائهم.. فحسام، طفل في العاشرة، بدا حزينا من قرار والدته وفضل أن يشتري ملابس العيد على الدخول المدرسي، إلا أنه بدا مصرا على شراء شيء جديد للدخول المدرسي، أما أسامة ذي الثمانية سنوات، فقد فضل شراء ملابس العيد دون أن يبدي معارضة لأنه - كما قال - حظي بشراء حقيبة سبايدرمان التي تمناها دائما. كما أن تعاقب المناسبات أثر كثيرا على ميزانية الأولياء وجعلهم يشرعون في التحضيرات مبكرا، نتيجة احتراس الأولياء من الارتفاع المفاجئ للأسعار الذي أصبح ميزة هذه المناسبات. من جهتها تقول السيدة نصيرة:”هذا العام ليس كالأعوام الماضية، ففي ظل الغلاء الذي طال كل المواد وحتى الأدوات المدرسية، ما علينا سوى تكييف ميزانيتنا حسب ذلك، فبالنسبة لي ليس لدي الخيار، إذ لدي أربعة أبناء وعلي كسوتهم وشراء الأدوات المدرسية لهم وقد خيرتهم بين شراء اللباس الخاص بالدخول المدرسي أو الخاص بعيد الفطر، وقد اختاروا عيد الفطر الذي تكثر مصاريفه أيضا، فالأدوات المدرسية وحدها كلفتني الكثير، لأن أسعارها مرتفعة جدا”. تعاقب المناسبات استنزف ميزانية الأسر الجزائرية تزامن عيد الفطر المبارك والدخول المدرسي، فسبب العديد من العوائق عند العائلات الجزائرية في اقتناء ما يحتاجه أبناؤها من ملابس ولوازم مدرسية، نظرا لغلاء أسعارها. شهر رمضان والدخول المدرسي وعيد الفطر هي مناسبات سارة، إلا أن ما يترتب عنها من مصاريف يضع أرباب العائلات أمام مطرقة غلاء الأسعار وسندان رغبة الأطفال في اقتناء أكثر من لباس، حيث نجد السيدة حياة أم لأربعة أطفال تقول إنها اشترت لباس واحد فقط للدخول المدرسي وللعيد، وتضيف أن الملابس تشهد هي الأخرى ارتفاعا في السعر، فقد اقتنت لباسا لابنتها الصغيرة ب 5000 دج، حيث أن تكلفة كسوة طفل واحد تتجاوز 8000 دج والغريب أنه كلما كان عمر الطفل أصغر كلما كانت تكلفة كسوته أغلى، إذ يتراوح سعر طقم للأطفال الذكور بين 4000 دج إلى 5000 دج، دون حساب سعر الحذاء وغيره من المستلزمات، الأمر الذي أدى بها إلى استدانة مبلغ مالي من صديقتها، لتكمل شراء الملابس لأولادها الأربعة. من جهتهم البائعون يقولون” إن الأسعار معقولة، لكن تعاقب المناسبات أخلط ميزانية الأسر الجزائرية، بدءا من تكاليف شهر رمضان الذي لوحظ فيه ارتفاع للحوم والخضر، مرورا بتحضيرات الدخول المدرسي واقتناء اللوازم المدرسية والتحضير لاستقبال العيد، بالإضافة إلى ذلك تعيش العائلات ضغطا نفسيا كبيرا قد يؤثر سلبا على نفسية رب العائلة الذي يجد نفسه مضطرا لابتكار الحلول التي تجعله يوفر كل احتياجات عائلته دون أن يلجا للإستدانة، ما يجعل من هذه الأيام مرحلة حرجة تتطلب التحضير المسبق.