خلافا للسنوات الماضية فإن الحركة الدؤوبة في أسواق باتنة لم تنقطع كعاداتها فور انقضاء شهر رمضان المعظم وانتهاء الأولياء من التحضير للعيد، حيث لا تزال أسواق الملابس تفتح محلاتها منذ ساعات الصباح للراغبين في اقتناء متطلبات الدخول المدرسي. وحسب مواطنين فإن توالي المواعيد الاستهلاكية والمناسبات المتتالية أرهقت ميزانياتهم هذه السنة، ووجدوا صعوبات بالغة في التوفيق بينها، فمن رغبة الأطفال في قضاء عطلة صيفية على شاطيء مدينة ساحلية إلى حلول الشهر الفضيل وما له من خصوصية لدى الأسر الباتنية تعقبها أجواء عيد الفطر والاستعداد له بالحلويات والملابس الجديدة، إلى الدخول المدرسي الذي يضاف إلى قائمة المصاريف الباهضة التي يسددها الأولياء مجبرين، وإن لجأ بعضهم إلى الاستغناء عن بعض المتطلبات والاقتصار على الضروري قدر الإمكان، فعديد المواطنين الذين التقيناهم أكدوا لنا أن كسوة العيد هي ذاتها التي سيستعملها أبناؤهم للدخول المدرسي، رغم أن الأمر لم يرق الأبناء كثيرا، حسب الأولياء، وطالبوا بكسوة جديدة لكل مناسبة خصوصا منهم من لم يدرك بعد واقع غلاء المعيشة ومحدودية ميزانية والده، وهي الفئة من الأطفال الصغار التي تحايل معها الأولياء باقتناء نصف الألبسة في العيد وتأجيل شراء بعضها إلى الدخول المدرسي، ناهيك عما ينتظرنا، يقول أحد الأولياء، من قوائم لا حصر لها من الأدوات المدرسية والمحافظ والكراريس المختلفة الأحجام والكتب المدرسية، وما يتطلبه الأبناء المقبلون على شهادة البكالوريا وشهادة التعليم الأساسي من مصاريف خاصة لشراء الكتب شبه المدرسية ومتابعة الدروس الخصوصية التي تحولت إلى ضرورة خلال السنوات الأخيرة. وبالموازاة مع ذلك فإن التجار يعتبرون هذه المواعيد موسما للربح لا يعوض، حيث يشتكي المواطنون من الارتفاع المفاجئ في أسعار الملابس والمآزر، وبلغ ذلك ضعف السعر المتعارف عليه منذ انقضاء أول أسبوعين من شهر رمضان المعظم، خصوصا بالمحلات التجارية المنتظمة، وهو ما فتح الباب واسعا أمام التجار الفوضويين لعرض سلعهم في المساحات الشاغرة من الشوارع الكبيرة والأحياء التي تحولت بمرور الوقت إلى أسواق معروفة ولائيا كحي 84 مسكنا، ولا يتوانى المواطنون في قصد الباعة الفوضويين من أجل اقتناء ما يلزم من الملابس والأحذية والمآزر لأبنائهم، مؤكدين على الانخفاض النسبي في الأسعار لدى هؤلاء التجار الموسميين الذين باتوا يطالبون السلطات المحلية بباتنة بمنحهم مساحات قارة يمارسون فيها نشاطهم، ووضع حد لمعاناتهم مع الكر والفر الذي يعيشونه مع رجال الشرطة يوميا، إلى ذلك لا يمكن إغفال النشاط المتزايد لمحلات الألبسة المستعملة خلال هذه المناسبات والتي تزايد زبائنهم في الآونة الأخيرة هروبا من ارتفاع الأسعار وبحثا عن تلبية الحاجات وفق القدرة المالية، وهي ذات الأسباب التي تدفع بالكثير من المواطنين إلى اقتناء السلع الصينية ودول شرق آسيا المتميزة بنوعيتها الرديئة واحتوائها على مواد قد تكون مضرة بصحة مستعمليها.