تعيش مدينة باتنة ما تبقى من أيام شهر رمضان المعظم لسنة 2010 في أجواء بهيجة وحركة دؤوبة يميزها توافد الأولياء وربات البيوت على محلات بيع الألبسة تحسبا لعيد الفطر المبارك والدخول المدرسي. فالحركة التي تكون بطيئة طوال النهار بسبب الحرارة وظروف الصوم سرعان ما تدب في شوارع المدينة وأحيائها الشعبية بعد صلاة العشاء مباشرة وتتحول أغلب محلات بيع الألبسة والأحذية إلى "خلايا نحل" حقيقية تعج بالأولياء المصحوبين في كثير من الأحيان بأبنائهم في رحلة بحث "مضنية" عما يناسب ميزانياتهم. وتكون الوجهة كل ليلة إلى محلات السوق المغطاة أو تلك المتواجدة على طول شارع الجمهورية بوسط مدينة باتنة وكذا محلات طريق بسكرة التي لم يتوان أصحابها في جلب ألبسة متنوعة ومن علامات تجارية مختلفة لجلب الزبائن وإن كانت أسعارها في الغالب تبقى خيالية بالنسبة لأصحاب الدخل الضعيف وحتى المتوسط والذين يدخلون إلى هذه المحلات "عن طريق الخطأ"أو " من باب الفضول"يقول عمي السعيد وهو رب عائلة متقاعد. ومن جهتها تقول حورية وهي أم لأربعة أطفال منهم متمدرسون "رغم تضحيتنا هذه السنة بالعطلة الصيفية فإن ما تبقى من مصاريف شهر رمضان الكريم لا يكاد يغطي ثمن ألبسة العيد"مضيفة "أما مصاريف الدخول المدرسي فهمها أكبر ولا يمكن تجاوزه إلا بالاقتراض". أما سمير صاحب محل لبيع الألبسة بشارع ممرات صالح نزار فيؤكد من جهته أن السلع على وفرتها وتنوعها تبدو أسعارها في غير متناول فئة واسعة من الأولياء الذين يفضلون محلات السعر البسيط المنتشرة بالعديد من الأحياء الشعبية لأسعارها المنخفضة لكن بجودة أقل ونوعية رديئة. وتبقى محلات "لا ريو آش أو شارع آش" بحي بوعقال الشعبي العتيق و 84 مسكن الوجهة المفضلة لربات البيوت في مثل هذه المناسبات السعيدة ليس من مدينة باتنة وضواحيها فحسب وإنما من باقي البلديات والدوائر الأخرى . ففي هذين السوقين "المخصصين تقريبا للعنصر النسوي" يجد الزبون ضالته. فالأسعار هنا تنطلق من أدنى وتتصاعد حسب نوعية السلع ومنشئها الأصلي "فمن الألبسة الصينية الرديئة إلى العلامة التجارية الفرنسية والايطالية الراقيتين" يقول المتسوقون. لكن المميز في هذين المكانين حسب الكثير من ربات البيوت هو خروج الأولياء في نهاية المطاف بألبسة حسب ميزانياتهم مهما كانت قليلة "لأن المهم هو إدخال الفرحة على قلوب الصغار واقتناء ألبسة جديدة للمتمدرسين للتباهي بها بين الأصدقاء والأقران". وهكذا فان مدينة باتنة التي عادة ما تنام بعد صلاة العشاء وجدت في أواخر أيام الشهر الفضيل حجة لتمديد سهراتها إلى ساعات متأخرة من الليل مفسحة المجال لبائعي البيتزا وكذا الشواء الذين تلقى سلعهم رواجا كبيرا بين الشباب الساهرين ومن ثم تحقيق مداخيل إضافية. أما الكثير من العائلات التي أجبرت على التسوق ليلا بفعل الحرارة فتلجأ إلى محلات بيع المثلجات سواء بممرات مصطفى بن بولعيد أو ببعض محلات بيع المرتبات التي تكثر بالمدينة وأحيائها الشعبية لتناول بعض المثلجات أو العصائر بعد غدو ورواح لساعات طويلة بين المحلات وكأن فرحة الأطفال بألبستهم الجديدة قد ذهبت بعناء التعب وهم مصاريف العيد والدخول المدرسي وقبلهما مستلزمات شهر رمضان.