كثيرة هي المشادات والملاسنات التي تحدث بين المسافرين وسائقي حافلات النقل الجماعي أوالقابض، ليس بسبب زيادة في أسعار التذكرة أوالاكتظاظ المعتاد، وإنما بسبب تعمد السائقين الدخول بالحافلة إلى محطات التزود بالوقود والمسافرون بداخلها، وهو ما يعد مخاطرة وتجاوزا للقانون المعمول به في هذا الشأن، والذي يحتم على سائقي هذه المركبات التزود بالوقود فارغة وفي غير ساعات العمل الفعلية، وعدم الدخول بالمسافرين إلى مثل هذه المحطات لما تشكل من خطر على حياتهم..! مثل هذه المشاهد تتكرر يوميا عبر معظم خطوط النقل الجماعي بالمدية، وهو ما دفعنا إلى استطلاع رأي المسافرين والسائقين ومحاولة معرفة رأيهم في مثل هذا التصرف، ومدى قانونية هذا العمل في نظرهم. وفي هذا الصدد صرح لنا رابح، أحد المسافرين الدائمين عبر خط بني سليمان - القلب الكبير بحكم طبيعة عمله، أن هذا التصرف يحدث معه كثيرا وهوما يدفعه إلى الاحتجاج على صاحب المركبة، والذي يقول إنه وفي كثير من الأحيان لا يرد على احتجاجنا ولا يعيرنا أي اهتمام، وإن حدث أن رد علينا فيقول بنبرة حادة “أتريدون أن تتعطل بنا الحافلة في منتصف الطريق؟؟” أوأن كمية البنزين لا تكفي لإيصالنا إلى المكان المقصود. أما حميد، أحد المسافرين، فهو الآخر يرفض هذا التصرف الذي يرى فيه الكثير من المخاطرة والاستهتار بحياة المسافرين، ويضيف قائلا: ماذا لو قدر الله وتزامن نشوب حريق أوانفجار ونحن بداخل المحطة؟! ملقيا في الأخير باللائمة على أصحاب حافلات نقل المسافرين الذين لا همّ لهم سوى جمع الأموال وفقط، مضيفا أن سائقي سيارات النقل يرون المسافر على حافة الطريق عبارة عن دنانير ليس إلا. وعلى العموم فإن أغلب المسافرين الذين تحدثنا إليهم أجمعوا على رفض هذا التصرف الذي وُصف بالمتهور. ولدى محاولتنا التقرب من أصحاب هذه الحافلات رفض الكثير منهم التحدث معنا في هذا الموضوع، إلا أن من كانت له الشجاعة للتحدث معنا فأرجع سبب حدوث مثل هذا الأمر إلى طول مسافة الخط والذهاب والإياب معه لمرات عديدة من شأنه أن ينقص سعة خزان الوقود الأمر الذي يدفع البعض إلى المغامرة بحياة المسافر والدخول إلى محطة الوقود أثناء العمل. أما آخر فصرح أن بعد محطة المسافرين عن محطة الوقود هو ما يدفعه إلى هذا السلوك أثناء أوقات العمل تجنبا للذهاب والإياب فارغا، وكذا ربحا للوقت على حد تعبيره. وإن تباينت التبريرات التي ساقها أصحاب حافلات النقل إلا أنها تبقى غير مقنعة بالنسبة للمسافرين الذين ضاقوا ذرعا بمثل هذه التصرفات من طرف السائقين الذين لا يبالون بالمخاطر والعواقب التي يمكن أن تحدث في محطات البنزين، والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. أما من الناحية القانونية، فدفتر الشروط الممنوح لطالب رخصة النقل الجماعي من طرف مديرية النقل يمنع دخول الناقل إلى محطة الوقود ساعات العمل، ومن يخالف الأمر وفي حالة شكوى من طرف المسافر فإنه يتعرض إلى عقوبة الحجز التي لا تقل عن 45 يوما. وأمام هذه التجاوزات الخطيرة التي تحدث يوميا طالب المسافرون من السلطات المخولة قانونا ضرورة التحرك للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت عادة، كما طالبوا بتطبيق القانون وردع كل من سولت له نفسه المخاطرة والاستهتار بحياة المسافرين.