قلد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أول أمس، عشرة حركى جزائريين ميداليات، بمناسبة اليوم الوطني لتكريم قدامى المحاربين الذين خدموا فرنسا إبان الثورة الجزائرية، لكنه لم يقدم لهم اعتذار فرنسا عن تخليها عنهم بفعل التهميش والقتل الذي مارسته ضدهم غداة استقلال الجزائر، وهو المطلب المعنوي والسياسي الذي يناضل الحركى من أجل الحصول عليه من الحكومة الفرنسية إلى جانب إدماجهم في المجتمع الفرنسي دون تمييز ولا فوارق، فضلا عن المطالب الأخرى المتعلقة بحقوقهم المادية والتعويضات والامتيازات المرتبطة بخدمتهم في الجيش الفرنسي، التي تعالت أصوات جمعيات وعائلات الحركى للمطالبة بها بشكل متزايد وملفت منذ مجيء ساركوزي إلى سدة الحكم، بسبب الوعود التي كان قد قطعها عليهم في حملته الانتخابية. وكان متوقعا ألا يتعدى تكريم الرئيس الفرنسي للحركى في يومهم الوطني، تقليدهم ميداليات “إخوة السلاح” كما يحلو للفرنسيين تسميتهم، إضافة إلى مشاركتهم احتفالهم بشكل رمزي فقط، دون إعلانه الاعتراف بهم، وهو قرار كان قد اتخذه في الاجتماع السري الذي عقده في الثاني أوت المنصرم مع “كريستيان فريمونت” مدير مكتبه، في بناية تابعة لقصر الإيليزي، بمشاركة بعض ممثلي الحركى المقربين للحزب الحاكم، حين أبان فيه رئيس الدولة الفرنسية أنه لن يستجيب أبدا لمطلب الاعتراف وهو قرار لا رجعة فيه، كما أنه أخبرهم بصعوبات مالية تواجه حكومة بلاده، لن تسمح لها بتحقيق المطالب المتعلقة بالمنح والتعويضات المالية، على الأقل في المرحلة الحالية التي تعاني فيها فرنسا من الأزمة الاقتصادية العالمية. وتعد هذه الخطوة بمثابة انتحار للحزب الحاكم قبيل الانتخابات الرئاسية لسنة 1012، لأنه بهكذا قرارات سياسية سيفقد أصوات فئة الحركى بجيليهم الثاني والثالث، كونهم تأكدوا من أن وعود ساركوزي لهم كانت وعودا انتخابية لا غير، فرغم المسيرة الطويلة التي نظمتها جمعيات الحركى وجابت عددا من المدن الفرنسية ابتداء من تاريخ 22 أوت المنصرم، في محاولة منها للضغط على الحكومة الفرنسية، وحملها على التراجع عن هذه القرارات، إلا أن ساركوزي بدا أكثر تمسكا بموقفه، خاصة أنه يكون قد ألغى إجراءات هامة كانت حكومة فرانسوا فيون، قد باشرت دراستها في هذا الإطار، أهمها مراجعة منحة تقاعد قدماء المحاربين ابتداء من السنة المقبلة، وتقديم إعانات ومساعدات للمحتاجين منهم، ومنح بطاقة قدماء المحاربين للجنود الذين كانوا متواجدين بالجزائر إلى غاية 2 جويلية 1962 وكانوا في الخدمة قبل 4 أشهر من هذا التاريخ، إضافة إلى الشروع في تسوية ملفات تعويض ضحايا التجارب النووية في الصحراء الجزائرية، وتقديم تسهيلات إدارية للوكالة الوطنية لقدماء المحاربين، وإقرار ال5 من شهر ديسمبر يوما لذكرى “ضحايا فرنسا” في الجزائر، المغرب وتونس، وعدد وزير الدفاع وقدماء المحاربين الإجراءات المذكورة.