عقد الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، في الثاني أوت المنقضي، اجتماعا سريا مع كريستيان فريمونت، مدير مكتبه، حول ملف الحركى، عقده في بناية تابعة لقصر الإيلزي، وشارك فيه بعض الممثلين عن الحركى المقربين للحزب الحاكم، تمت دعوتهم بغرض مناقشة ميثاق يضم مطالبهم المنتظرة وفاجأ نيكولا ساركوزي في هذا الاجتماع الحركى بأنه لن يحقق لهم هذه المطالب، وخاصة ما تعلق منها بمسألة اعتراف فرنسا بتخليها عنهم سنة 1962، أي غداة استقلال الجزائر، وكذا تحملها مسؤولية عمليات التقتيل التي تعرض لها عدد كبير منهم، إلى جانب عدم تكفلها بعائلات الحركى الذين تنقلوا للعيش فيها. ولم يقنع الرئيس الفرنسي ممثلي الحركى بعدم قدرته على تبني هذه المطالب، حين أخبرهم بأنه يواجه صعوبات لتحمل هذه المسؤوليات تجاههم، كما أن مدير مكتبه كان صريحا معهم، عندما أقصى أية إمكانية لتقديم تعويضات لعائلاتهم في المدى القريب، متحججا بالوضع المالي الصعب الذي تمر به بلاده بسبب الظروف الاقتصادية والمالية الدولية الراهنة، التي لا يمكن أن تضع مطالب الحركى في جدول أعمال حكومة فرانسوا فيون. وأثارت نتائج هذا الاجتماع السري بين ساركوزي وممثلي الحركى، موجة سخط وغضب كبيرة في أوساط جمعياتهم وعائلاتهم، ما جعلها تصعد لهجتها وتتوعد الحكومة الفرنسية بالتحرك للضغط أكثر عليها من أجل إعادة مراجعة قراراتها، وقد جدولت مناقشة قرار ساركوزي، كملف أساسي للنقاش في المائدة المستديرة التي ستنظم برعاية إحدى هذه الجمعيات يوم العاشر سبتمبر المقبل بباريس. ويعكس تراجع ساكوزي عن الاعتراف بالحركى وعدم تعويضهم النية المبيتة للحزب الحاكم بعدم الاستجابة لمطالب من خدموا فرنسا الاستعمارية، رغم أن الحكومة الفرنسية كانت قد أعلنت منذ أشهر قليلة جملة من الإجراءات تتضمن امتيازات اجتماعية يستفيدون منها كرفع منحة التقاعد ومنح بطاقة قدماء المحاربين وتقديم مساعدات مالية لعائلات الحركى المعوزة ... الخ، كما يترجم هذا التراجع في مواقف فرنسا حول ملف الحركى، بأن هذه الإجراءات كانت مجرد حيلة لوقف ضغوطاتهم على الحكومة ومن أجل كسب ودهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.